قبل انقضاء أقل من سنتين على خروجه من البيت الأبيض ، أصدر الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الثاني مذكراته في مجلد ضخم ، بيع منه مليون ونصف المليون من النسخ خلال الأسابيع الأولى ، وبذلك تزيد أرباحه من إصدار الكتاب عن جميع الرواتب التي تقاضاها كرئيس للولايات المتحدة خلال ثماني سنوات.
كما هو الحال مع كل السياسيين ، تنشر المذكرات بقصد تغيير أو تعديل حكم التاريخ ، والدفاع عن الأخطاء ، وتحسين الصورة. أما حكم التاريخ على بوش فهو أنه كان رئيساً فاشلاً ، قاد بلاده دون لزوم إلى حربين مدمرتين ، ولم يحقق سوى نتائج سلبية ، فقد هاجم العراق فحولها إلى مركز للقاعدة والإرهاب ، وهاجم أفغانستان فحولها إلى محرقة للمال والرجال ومصنع للمخدرات.
كتاب بوش سلطوي ، فهو يطرح أحكاماً قاطعة دون أن يكلف نفسه عناء تقديم حيثيات ووقائع تؤيد أحكامه. ومع ذلك فإنه يعترف بعدم قدرته على مصادرة الحكم الذي يصدره التاريخ عليه ، خاصة وأن شعبيته انحدرت في أواخر عهده إلى مستوى لم يصل إليه سوى نيكسون بعد فضيحة ووتر جيت.
أراد بوش أن يحسّن صورته أمام الرأي العام ، فقال إنه ، بعد هجمات 11 سبتمبر ، كان عليه أن يتخذ قرارات حاسمة لحماية أميركا ، وبذلك فعل ما كان يعتقد أنه صحيح. إلى جانب ذلك حاول نشر الديمقراطية في العالم وتشجيع الحريات العامة ، أي أنه ترك عالماً أفضل ، ولم يقدم صاحب المذكرات ما يدل على أن هذه السياسات أعطت النتائج المنشودة أم عكسها.
في مذكراته ، يعترف بوش لأول مرة في حياته بأنه ارتكب خطأين: أولهما التباطؤ في إغاثة ضحايا إعصار كاترينا ، وثانيهما السماح للعسكر بوضع لافتة لاستقباله على حاملة الطائرات تقول (تم إنجاز المهمة) التي تعني تحقيق النصر.
أحد نقاد المذكرات يقول أن بوش يؤكد صراحة وضمناً أنه عمل أفضل ما يستطيع ، ونحن نصدقه ، فإنه لم يكن يستطيع أن يفعل أفضل مما فعل ، ولا اقل سوءاً ، فهذه هي إمكانياته وقدراته ومؤهلاته.
(الرأي)