الحياة منذ قديم الأزل تعتبر أكبر مختبر للتجارب وأفضل كاشف لمعادن البشر ومدى تفاوتهم... وفي هذه الحياة نجد الكثير من القصص والحكايا والخبايا المعتقة بالحنين والود التي خسرها أصحابها بسبب تشبتهم بمواقفهم وإصرارهم على العناد غير المبرر!.
قد تكون صفة مؤقته أو عابرة أو مزمنة قوية جداً... هذا هو العناد الذي يمتاز بالإصرار وعدم التراجع عن المواقف والآراء، حتى في حالة المعرفة الأكيدة أن ما نتبناه من آراء ومواقف قد تؤدي الى نتائج خطيرة تؤثر علينا وعلى من حولنا، بحيث قد تجعل الكثير من أهلنا وأصدقائنا يبتعدون عنا بسبب هذا السلوك... العناد هو من الإضطرابات السلوكية الشائعة في مجتمعاتنا، وقد يحدث لمدة وجيزه مع الفرد في حياته، أو يكون لمرحلة عابرة، وفي الحالة الأصعب يكون نمطاً متواصلاً وصفة ثابتة وسلوكاً.
العناد أساس لكثير من المشاكل الزوجية التي قد تحدث بين الزوجين، مما يمكنه أن يتسبب في بعدهما عن بعضهما البعض... وهو موجود في المرأة والرجل على حد سواء... لكن علماء النفس يرون بأنه أكثر وضوحاً عند بعض النساء، لأنه يكون بمثابة السلاح الوحيد الذي تدافع به المرأة عن نفسها في مجتمعاتنا أمام تشبث بعض الأزواج بآرائهم.. وذلك لكونها المخلوق الأكثر رقة ولا تقوى على الصراع الخشن، فنراها قد تضطر أحياناً الى اللجوء للرفض السلبي «كالصمت والحرد» لما تراه لا يتوافق مع مشاعرها؛ مما قد يفسره بعض الرجال على أنه العناد الإستفزازي لتبدأ بعدها دوامة المشاكل الزوجية اللا متناهية.
المعاملة القاسية والخشنة للزوجة إضافة الى عدم تقديرها وإحترامها كما يجب قد يدعم لديها الشعور بالنقص... فالشعور بالنقص يعتبر من أهم العوامل المؤدية للعناد عند بعض النساء، وقد يكون هذا الشعور لدى المرأة قبل الزواج كنتيجة للمعاملة الأسرية التي لا تتسم بالإحترام والتقدير وبث الثقة في نفسها... لذلك نجد النساء المغلوبات على أمرهن قد يلجأن الى العناد للتغلب على هذا الإحساس المؤلم، ومن هنا تكبر المعاناة غير المرئية بين الزوجين التي تنتهي في بعض الحالات بالبعاد بشتى أنواعه!!.
أما في الحياة العامة.. فالمعروف دوماً أنك عندما تعاند بغير وجه حق سواء أكان الأمر للرجل أو للمرأة.. فأنت الذي سوف تخسر في مقابل عنادك!... لأن الآخرين عندها سيعتادون عليك بأنك تعاند لمجرد العناد بدون أي تفكير أو تبصر بالأمور؛ مما يجعلهم لا يثقون برأيك في كثير من الأحيان، بحيث يعرفون مسبقاً بأنه ناتج عن مجرد فكرتك وإقتناعك الشخصي وحده بأن رأيك هو الرأي السليم فقط!.
لذا فلنحاول دوماً أن نفهم بأن هذه الدنيا لا تسير بطريقة واحدة، وبأن الناس كلهم لا يرون الأمور بنفس المنظار... حتى أن وجهة نظرنا نحن للأمور قد تختلف من آن لآخر؛ مما يدعونا جميعاً لتقبل الإختلاف الموجود أصلاً بين شخص وآخر.. فلو كنا كلنا بنفس الرأي والمنظور لما تطورت الحياة خطوة واحدة!!..
Diana-nimri@hotmail.com
(الرأي)