facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




ثَعالبْ أرانبْ ضِباع


د. ثابت النابلسي
24-02-2023 09:34 PM

كانت الساعة الخامسة والنصف صباحًا وكنت قد صليت ركعتين صلاة الفجر وشكرت الله بالحمد والتسبيح ، عدت ووضعت رأسي على وسادتي بهدوء فهي الأقرب من جميع الأحاديث التي تدور في مستودعات أفكاري ، وتستمع لكل ما يدور أثناء نومي من نزاعات كثيرة ونقاشات حادة وأيضاً لكل ما هو جميل في منامي قبيح عند قيامي.

وسادتي لا تعطيني أهمية عندما تكون منشغلة في أحداث قوية ، كما حدث معي ذاك الصباح ، يثقل رأسي فأصبح داخل حلمي أو كابوسي .

يالله.. لا غير معقول ….

ثعالب وأرانب وضباع …

تقف كلها معًا ، ماذا يجري هنا ؟ هكذا بدأ الحلم والكابوس معاً ، لكن للحلم بقية…

ها أنا أحدث نفسي يجب أن أتحقق من كونها ضباع ، إقتربت قليلاً وأمسكت واحدًا بحذر شديد ، نعم صحيح هذه ضباع لكن يبدو أن هناك قناع ، يا الله أعرف هذا الوجه المتستر خلف القناع ، أنتم أيضاً في أحلامي هذا كابوس يلاحقني .

عرفت أن الضباع تأكل الرمم وتلاحق كل من يفترس وتعيش على بقايا الحياة للفرائس المنهوشة بأنياب السباع والأسود والكواسر من الصيادين في كل شرائع الغابات.

عرفت من ذاك الوجه المقنع بالضبع أننا وقعنا فريسة سهلة وأننا قد خدعتنا الثعالب .

نعم الثعالب … كانت هناك أيضا ، تقف في نفس المكان ، تقف مبتسمة تنظر من حولها تتباهي بفِرائها الملتف يعكس ضوء الشمس الباردة في فجر ليلة صامتة سادها الخوف والصمت الرهيب ، الثعالب يا سادة هم وراء هذا المصير كانوا يهمسون بالليل والنهار ويسربون الأخبار ويجعلون من الشريف خائن ومن الخونة محل ثقة وأصحاب قرار ، الثعالب ما أكثرهم حين تعدهم ولا تجدهم عند حاجتهم للمعارك أو الوقوف في وجه الأعداء .

مهمتهم في الحياة يضربون الناس بالناس ويعيثون في الأرض فساداً ، يحيكون المؤمرات ويعقدون المؤتمرات ، يتحدثون عن الضرورات لإباحة المحرمات والمحظورات، يفجرون الفتن ويجلبون النحس والحزن للناس ، يجلبون الطعم الصغير ليقع في الفخ كل كبير ، اقنعوا الأرانب أنهم أسود وسادوا عليهم عندما جاء القنص وسقط الكبير من الطُعم الكبير فحاصرتهم الضباع ، تلك الأرانب التي شاهدتها كانت خائفة جدًا وترتجف ، يبدو عليها الهلع عرفتهم من صوت أنفاسهم ومن همسهم أعرف جيداً تلك المخلوقات الجميلة اللون صغيرة العقل ضعيفة القلب كانوا أكثر مما توقعت لكنهم سقطوا في شر أعمالهم وسوء تقديرهم ، افترسهم جبنهم قبل أن تفترسهم مخالب السباع والكواسر .

قصة الحلم والكابوس في وجود ثعالب وأرانب وضباع معًا في صف واحد حقيقة ، والواقع أنها تحاكي واقعنا في حياتنا اليومية وأنظمتنا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية موجودة أيضاً ،فكم ثعلب رأينا وكم أرنب سمعنا زعيقه عندما افترسه الطمع والجبن ، وكم ضبع يقف منتظراً سقوط الضحية لينهش ما تبقى منها ، لكنهم كانوا يعتقدون أنهم الغالبون وهم المسيطرون ، ولا يعرفون أن الأمور تنقلب في ليلة وضحاها عندما يُفْتَرَسُ المُفْتَرسْ والثعلب يأكل الثعلب والضبع يأكل السباع الضالة وأشباه السباع ، والكلاب تنبح على الكلاب ، والجبناء من الأرانب وأمثالهم يقبعون في جحورهم من الخوف والرعب، هذا كله عندما تزأر الأسُود بصوت الحق وينتصر على الباطل ، وما أود ان أختم به هو قوله تعالي:

(( إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم ))

يا الله ما أعظم قول الله تعالى.

ودمتم بخير سالمين …





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :