بدعوة من د هناء ملحس مديرة عام مدرسة المشرق الدولية، وبعيدًا عن أي دعاية، قمت ومجموعة من التربويات بزيارة المدرسة صباح الخميس ٢/٢٣.
قمنا بجولة في الروضة والمدرسة الابتدائية، والتقينا بالطلبة والمعلمات، ويهمني أن أسجل ملاحظاتي:
١-بيئة مدرسية نظيفة أنيقة، وجميلة، وصديقة للأطفال ، تحيط بها غابات من مختلف جهاتها، مداخل واسعة، لا زحمات سير، ولا إعاقات. هذه البيئة ليست انعكاسًا لقدرات مالية إطلاقًا، بل لفكر تربوي إنساني أخلاقي.
٢- بيئة مادية خضراء ، أنيقة ، كأنها ملعب ومنتجع ومتنزه لثلاثمائة وخمسين طفلًا وبرعاية خمسٍ وثلاثين معلمة، وعدد من الإداريات، لم نجد صفوفًا مغلقة بل ساحات ومختبرات ومعامل وملاعب على مساحة واسعة يمكن استثمارها في أي نشاط طلابي، فهناك مشاتل زراعية، وفعاليات لخبرات متنوعة.
٣- لم نجد فصولًا أو صفوفًا ، ولم نجد طفلًا داخل غرفة صفية، ولا طفلًا في عملية سكون. فكل طفل مشغول بقضية ما: يزرع ، يمثل، يمسك أداة ، قصة، قلمًا ، قطعًا تركيبية.
ما يهمني من حديثي مع الأطفال والمعلمات، في الروضة والقسم الابتدائي ،وما شاهدته من تطور للتدريس وحب للمدرسة
قد يغير بعض خبرتي في العمليات التعليمية وانطباعاتي التي تكونت عبر سنوات تفاعلي مع نظامنا التعليمي الرسمي: وهذه أدلتي:
لم أجد معلمات يقفن أمام الطلبة وبيدهنّ الطبشورة، وشيء آخر مما يمسكه معلمونا الرسميون عادة! لم أجد تعليمًا جمعيًا، بل وجدت تعليما في مجموعات تحمل كل مجموعة أدوات مختلفة ، وتمارس نشاطًا مختلفًا ، وهناك أطفال مستقلون يعملون وحدهم! لم أسمع صراخًا من معلمة أو طالب! بل لم أسمع صوت معلمة، ولا صراخها لأنها مشغولة مع طالب أو أكثر تعمل معهم أو تلاحظ أداءاهم. ولعلي أبرز ما يأتي من ظواهر حداثة تربوية نادرة:
رأيت مجموعة طلابية تعمل في وضع مسائل لا في حل مسائل، ومجموعات تعمل في إعداد أسئلة لا في البحث عن إجابات!
وهذا يعني أن الطلبة يتعلمون حل المشكلات وليس جمع المعلومات أو حفظ المعلومات، مدرسة مفاهيم لا مدرسة حقائق، وهذا يعني مدرسة تعليم تفكير لا مدرسة تلقين!!
لا أبالغ أبدًا ؛ مدرسة ينساب فيها التعلم بما يفوق التعليم، وأخيرًا مدرسة كلّ ما فيها مكشوف، كيف يصطف الأطفال في طابور الدور دون زحام باحترام شديد، مدرسة يعرف كل طفل فيها وكل معلمة ماذا يعمل الآن وماذا سيعمل بعد قليل، ففي ذهن كل طفل ماذا سيفعل لاحقًا ولماذا!
سألت معلمات: ماذا تفعلن للأطفال الضعاف؟ ماذا لديكن عن الفجوة التعلمية ؟ وكأنني سألت سؤالًا مهينًا!!
(شو يعني طفل ضعيف)؟ قالت لي معلمة: نحن نعلم جميع الأطفال ، ولا نترك طفلًا في منتصف الطريق أو قبيل نهاية: جميع أطفالنا يتعلمون ! وجميعهم ضمن مستوى الأداء المتفوق!
المهم: وبكل أمانة ؛ لدينا مدارس متميزة جدًا تعد على أصابع يدٍ واحدة، ولكن مدرسة المشرق الدولية ، هي الأولى في نقطتين:
النقطة الأولى هي ؛ أنها فكر تربوي، وأداء أردني بالكامل، فلا مستشارون أجانب ولا خبراء، هذا لا يعني أنها مغلقة ، بل هي منفتحة على ثقافات غربية وتشارك بحدود ما سمعت في مؤتمرات دولية بشرط أن من تحضر مؤتمرًا أن تبدأ بتطبيق فكرة تربوية ما، وأن تدرب زميلاتها!!!
ومما يسعد-أن جميع الأطفال -يتحدثون العربية كما يتحدثون الإنجليزية ، وأن المعلمات- وهذا مهم جدا- راضيات جدا عن العمل: جو مريح ممتع لهن جميعًا.
هذا نجاح أردني تمنيت لو أدركته الدولة ! إذن؛ لكافأت بسام ملحس وهناء النصر بوسام المئوية، لم أقلق لذلك فالدولة لا تعطي أوسمة للنماذج الملهمة!!
وأخيرًا، وهذا مهم جدًا ، وناقشته مع الإدارة أن المسؤولية الاجتماعية لهذه المؤسسة تقضي بأن تستقبل معلمين ومعلمات من نظامنا الرسمي بنظام يسمى:
الإقامة المهنية، حيث يأتي المعلمون أسبوعًا "يزاولون "التعلم ويصبحون معلمة يتعلمون منها أصول تنظيم تعلم الأطفال!
كانت الإجابة: ليتهم يأتون!!!!!
ملاحظة: ليس لي مصالح إطلاقًا مع هذه المدرسة مثلما قد يفكر نموذج مريض في مجتمعنا!!!