فلسفة ترشيق لا تحتمل التصفيق ..
ايمن خطاب
16-07-2007 03:00 AM
كان الحاج ابو فراس ، قائدا " للمخفر" ، ضمن مجموعة مخافر استثنيت من الغاء العشرات منها ، بحجة انها على مواقع حدودية ، وفي ذاكرة الحاج ايام لا تنسى عن " مخفر القدس " الذي كانت بدايات خدمته فيه ، وما يزال يحتفظ بمفتاحه ذات احتلال ، فهو – اي حاجنا - اغلق باب المخفر بحكم ان المفتاح مسؤوليته انذاك قبل قرابة اربعين عاما ، وخروجه كان على امل ان تزال الغمامة ، ويعود صباح اليوم التالي لفتح الباب امام " المرتب " ، ولم يعي ان القضية اكبر من ذلك بكثير ، وان القدس دخلت طور الصراعات والمؤامرات التي تصاغ لجعلها عاصمة دولة اسرائيل .والحاج الذي عوضه الله عما فقده ، واضحى قائدا لمخفر على حد اردني غير مدينة القدس ، اقتضى الحال بعد طول خدمة وتحديدا في العام 1990 ان يخوض غمار امتحان السادس الابتدائي ، لغايات الترفيع لرتبة وكيل اول " بشفرتين " وكنت بحكم كوني مكلفا في خدمة العلم، وهو قائدي اتولى انذاك عملية تحفيظه قصار السور في القران الكريم ، وبعضا من ارقام جداول الضرب " الحقيرة " خصوصا تلك التي تربك المرء في الاجابة ان كانت 6 X 9 ستعطيك نتيجة 9 x 6 وهكذا ، لكن ابا فراس اجتاز الامتحان وما هي الا بضعة اشهر حتى وضع شفرته الثانية على الكتف واطبق باتجاه الزوجة والعيال ، فرحا بمنجز تحقق .
استمرت طموحات الحاج بعد الشفرتين الى نجمة تعلو الكتف ، لكن طبعا على امل تعديل في النظام ، كونه غير مؤهل اكاديميا لهذه النجمة ، لكن شعاره في الاردن بغض النظر عن التشريع والقوانين وما يصاغ ان " الخيّر بقول وبغيّر " ولذلك استمر الحاج في وظيفته على امل تعديل تشريعي يتيح له النجمة ، الى ا ن اتاه ذات يوم من يمحق الطموح ويجهضه ، من خلال كتاب رسمي صادر عن المدير العام " الباشا " يقضي بضرورة ترشيق الكادر ، مع مرفق يحدد ادوات واليات الترشيق ، وبه مقاييس تفترض رشاقة " المرتّب " فمن طوله على ما اعتقد 175 سنتمترا يفترض ان يكون وزنه 75 كيلو غراما وان الباشا – طبعا ليس سمير الحياري – وانما مدير الامن العام انذاك مهتم بالقضية ، وان لدى الكادر ستة اشهر للوصول للوزن الرشيق ، او المثالي ، ومن لم يستطع فالى البيت ، مقابل الزوجة والعيال ، وعذاب التقاعد الاردني ، الذي فضله في ظل الافتقار لمقومات الانسجام مع الطلب !! .
القصة لمعت في الذاكرة لدى قرائتي خبر ترشيق الاعلام ، فهل سيسن تشريع مثلا يقضي بتوازن بين الطول والعرض لمن يعملون في هذا السلك ؟؟ وهل ستخوض نقابة الصحافيين صراع تطبيق الاسس على مراسلي الوكالات الاجنيبة ؟؟ بحيث يطلب الى بسام البدارين مثلا ان يجهض 20 كيلو غراما من وزنه ؟؟ والاشتراط ضرب من المسحتيل لبسام ، لكنه قد يشكل فرصة للاطاحة به ، ومن وجع الرأس الذي ياتي به بين الفنية والاخرى من خلال القدس العربي ؟ وبعيدا عن بسام ماذا سيفعل ياسر ابو هلاله باعتباره سيكون فاقدا لشرط الطول ، وهل سيغض المجلس النظر عن بعض الزملاء في صحف مؤثرة انتخابيا ، لا سيما وان اعضاؤه بعضهم يحضر لانتخابات قادمة ، وغض النظر حتما سيوازيه قرار بفصل متدربة او متدرب ، لغايات عدم استيفاء شروط الرشاقة ، وقرار الفصل من التدريب حتما سياتي مستندا " لفتاشة " من مدير النقابة المواكب للمهنة والعاملين فيها لكن وزر الفصل حتما سيتولاه غيره !!
لكن في هذا السياق الرشيق ايضا سنتساءل ؟؟ كيف تخلينا عن رشاقة منتهى ابو دلو ، وجعلناها علامة اردنية ذات جودة ، لكن في فضائية غير اردنية !! والحال يندرج على فاتنة الشاشة الكويتية " الراي " لانا القسوس التي استغل التلفزيون اجازتها في العيد الماضي لتحيي ليالي " العيد معنا احلى !!
لكن ان كانت الامور على هذا المنوال ، لماذا يلزمني التلفزيون الاردني بسميح المعايطة مثلا ، وعروة زريقات الذي تخاله في حالة قدومه اليك لمناولتك ميكروفونا "سيهبش " وجهك !! او صاحب برنامج المسابقات الذي نسيت اسمه واعتقد انه الرقاد ، او محمد الحويان وما ادراكم من هو الحويان ، الذي طالبنا ذات يوم ان نكون حراسا لاعمدة الاتصالات الخشبية خوفا من تحطيبها ، واشعالها ذات برد قارص ينهش بفقراء !!
ما هو الترشيق ؟؟ حسب محرك البحث جوجل .. هو تقليص في جانب التخلص من روتين ، والمفردة وردت لكاتب على شبكة البصرة نت ، تتحدث عن تقليص للجيش الامريكي في مناطق النفوذ " العراق وافغانستان " اي ان المصطلح او المفردة امريكي الصنع ، لكن في موقع اخر وبذات المحرك وردت لكاتب متحامل على نائب الرئيس العراقي طه ياسين رمضان ويصفه " بالصفيق الذي سعى الى ارضاء سيده صدام حسين من خلال انقاص وزنه 65 كيلو غراما ضمن عملية اطلق عليها " عمليات الترشيق الصدامية " .
لذلك نحن امام خيارين احدهما جسدي والثاني يتصل بروتين في دوائر ومؤسسات ، الامر الذي يتطلب اللجوء للترشيق بشقيه ، وهذا يتطلب طابورا صباحيا ربما للعاملين بمؤسسة الاذاعة والتفلزيون ووكالة الانباء الاردنية والمطبوعات والنشر والمركز الاردني للاعلام والمجلس الاعلى ، والطابور عماده الركض حول مضمار ستاد مدينة الحسين للشباب ، ومجموعة تمارين رياضية اخرى ، وهذا الامر مقبول الى حد ما في نطاق حاجة الاعلامي الى خفة الحركة في التقاط المعلومة !!!
لكن ان اقرينا مبدأ الترشيق وسلمنا به وبضرورته ، فما علاقة وزير الدولة لتطوير شؤون القطاع العام محمد الذنيبات بوضع ادوات واليات الترشيق ؟؟ ولماذا دائما ادوات الاصلاح او الترشيق او التزويق يتولاها قادمون من الفضاء ؟؟ وهل الاكاديمي الذي لا يعلم ماهية المطبخ الصحفي او الانتاج التلفزيوني قادر على هذا الترشيق ؟؟ وهل يؤهلك انتاجك لدراسة علمية - باعتبارك استاذا في الاستطلاعات - تنتقد الاداء الاعلامي ان تتبوأ ادارة مؤسسة الاذاعة والتفلزيون ؟؟ والامر يقودني الى البحث في العلاقة بين الاكاديمي الذي يضطلع بتدريس نظريات اعلامية ، ثبت فشلها ، لكنها وضعته في دائرة الضوء ليقود مؤسسة اعلامية او يتبوأ منصبا رفيعا فيها !! لماذا لا نقر ان " اهل مكة ادرى بشعابها " ونفسح لهم مزيدا من الحرية وننأى بانفسنا عن التدخل ، ووفق مجريات النتاج نحاسب.
ayman65jor@yahoo.com