كورونا خلفت خبراء اوبئة اكثر من المصابين وموتى الفايروس.

و كورونا اخرجت اطباء مغمورين ومنسيين وتحولوا الى نجوم شاشات وخبراء اوبئة.

و مازالت حتى اليوم شاشات ووسائل اعلام تتناقل اخبارا وصورا وتعليقات وتحليلات صحية لبقايا خبراء الاوبئة.

وزلزال سورية وتركيا أحيى نموذجا جديدا من الخبراء، انهم خبراء الزلزل والجيولوجيا « علوم الارض «.

و سمعت قبل ايام احدهم على قناة محلية، وقرأت خبرا منشورا على موقع اخباري عن الزلزال والتوقعات والرصد الجيولوجي و الهزات الارتدادية وتأثيرها على الاردن ودول الجوار.

و ذكروني خبراء الزلزال بكورونا وخبرائها، وذكروني بخبير وبائي فضيحته مشهورة، واطل على الجمهور عبر قناة اردنية، و لا يمييز بين الفايروس والبكيريا، و ذهب ندرة وطرفة بين الاردنيين وفضيحتها وصلت الى ارجاء العالم .

ومن بين خبراء الزلزال تابعت على شاشة محلية خبيرا يتحدث في الوباء والاقتصاد والحمى القلاعية والحروب والنزاعات والسيكلوجيا والسيولوجيا، واي قضية مهما كانت بالغة الغموض والتعقيد فانه لا يمانع من الحديث عنها.

تابعت مقابلة على قناة محلية و يتحدث الخبير «ابو العريف « عن الزلزال، ويتحدث كلاما لا يمت بصلة بالعلم والموضوعية.

كلام استهلاكي و انشاء مسروق ومنقول من صفحات غير موثقة على جوجل.

منطق الاستهلال داء وعارض اردني وعربي.. وفيما اعلام الدول المحترمة يمنع الظهور على الشاشات والتصريح لوسائل الاعلام لاشخاص دون مرجعيات واختصاص شرعي.

فمثلا لا يظهر على شاشة سي ان ان وبي بي سي مشعوذ وسائق قلاب نضح يتحدث عن امراض القلب والكريسترول، ولا صاحب كازية يتحول الى خبير نفطي واقتصادي.

عوارض حصريا اردنية.. انه منطق الاستسهال والاستخفاف بكل شيء، وكيف تحول به الاعلام الى سوبر ماركت واجهاتها تعرض عينات من بضاعة غير صالحة للبيع والاستهلاك البشري.

مجازفات وعبث في اطلاق الاسماء والالقاب، ومن لا يجيدون سبيلا الى وجاهة اجتماعية وعشائرية او وظيفة عامة او مركز سياسي، فما اسهل ان يصبح خبيرا ومحللا استراتيجيا وجيولوجيا وخبير اوبئة وزلزال وحروب وصراعات وطاقة ونفط ومياه، غيرها.

تجربة كورونا اللعينة يبدو انها مرت دون مواعظ وعبر ودروس.. واذكر هنا من باب المفارقة وليس على سبيل سرد الحكايات.. ان من كان يشرب قهوة صباحا كانوا ينادونه بالمثقف والمفكر والمبدع ، ومن يلبس ربطة عنق عريضة بالاستاذ.

(الدستور)