عمون- "جبران خليل جبران وحكماته الحكيمة"
جبران خليل جبران، الشاعر والفيلسوف اللبناني الراحل، ترك لنا تراثًا ثريًا من الحكمات الحكيمة التي تعكس معرفته وفلسفته العميقة. يتناول أقواله الحكمة والإنسان في جوانبهما المختلفة، ونعرض هنا بعضًا من هذه المقولات وصياغتها:
الشعر كأنشودة:
"ليس الشعر رأيًا تُعبِّرُ الألفاظُ عنهُ، بل أنشودةٌ تتصاعدُ من جرحٍ دامٍ أو فمٍ باسم." في هذه العبارة، يعكس جبران أهمية الشعر كوسيلة للتعبير عن الألم والفرح العميقين في دواخلنا، فهو ينسجم مع أحاسيسنا ويصدر كأنشودة حقيقية.
الحقيقة المخفية:
"إذا كنت لا ترى إلا ما يظهرهُ النور، ولا تسمع إلا ما تُعلنهُ الأصوات بالحقيقة لا ترى ولا تسمع." يشدد جبران على ضرورة إدراكنا لأن الحقيقة الحقيقية تكمن وراء الظاهر، وأن النور والأصوات قد يعرقلان قدرتنا على رؤية وفهم الحقيقة الحقيقية.
الحزن والفرح:
"لا تستطيع أن تضحك، وتكون قاسيًا في وقتٍ واحد. إذا تعاظم حزنك أو فرحك صَغُرَتْ الدنيا." تعكس هذه العبارة توازنًا مهمًا في الحياة، حيث لا يمكننا أن نعيش في حالة حزن عميقة أو فرح مفرط بشكل دائم، فكلتا الحالتين تجعلنا نرى صغر العالم من حولنا.
السخاء والعطاء:
"لا يكمن السخاء بأن تُعطيني ما أنا في حاجة إليه أكثر منك، بل السخاء بأن تُعطيني ما تحتاج إليه أكثر مني." يجسد جبران فلسفة العطاء الحقيقية، حيث يقول إن السخاء ليس فقط في إعطاء الآخرين ما يحتاجونه، ولكنه أيضًا في إعطاء ما نحن بحاجة إليه للآخرين أكثر منهم.
العطية الصامتة:
"جميل أن تُعطي من يسألك ما هو في حاجة إليه، ولكن أجمل من ذلك أن تُعطي من لا يسألك وأنت تعرف حاجته." تجسد هذه العبارة الروح النبيلة للعطية، فالعطية الحقيقية تكون بإعطاء الآخرين حتى قبل أن يطلبوا، فهذا يعكس التواصل العميق والتفهم بين الناس.
التكامل والتكافؤ:
"بعضنا كالحبر وبعضنا كالورق، فلولا سواد بعضنا لكان البياض أصم، ولولا بياض بعضنا لكان السواد أعمى." يعبّر جبران عن أهمية التوازن والتكامل في الحياة. فالشخص بذاته ليس كاملًا، ولكن من خلال تفاعله مع الآخرين، يمكن أن يحقق التوازن والتكامل ويشكل صورة أكثر تكاملًا وجمالًا.
النصف الآخر:
"نصف ما أقوله لك لا معنى له، ولكنني أقوله ليتم معنى النصف الآخر." يركز جبران على أهمية التواصل والتفاهم الحقيقي بين الناس. فقد يكون لدينا وجهة نظرنا الخاصة ولغة فريدة للتعبير عنها، ومن خلال الحوار الصادق والتفاهم، يتم استيعاب النصف الآخر من الحوار ويتحقق المعنى الكامل.
جوهر الإنسان:
"ليست حقيقة الإنسان بما يظهره لك، بل بما لا يستطيع أن يظهره، لذلك إذا أردت أن تعرفه فلا تصغ إلى ما يقوله، بل إلى ما لا يقوله." يلقي جبران الضوء على جوهر الإنسان الحقيقي، ويركز على أن الحقيقة الحقيقية للإنسان لا تكمن في مظاهره الظاهرة، بل في ما يكمن داخله ولا يستطيع أن يعبر عنه بالكلمات.
العقل والقلب:
"منبر الإنسانية قلبها الصامت لا عقلها الثرثار." يبرز جبران أهمية القلب في فهمنا للإنسانية ولغة المشاعر والعواطف. فالعقل الثرثار قد يشوش علينا ويحجب عنا المشاعر الحقيقية، في حين أن القلب الصامت ينطق بلغة الحقيقة والإنسانية العميقة.
البحث عن الحق:
"الحق يحتاج إلى رجلين: رجل ينطق به، ورجل يفهمه." يشدد جبران على أن الحق لا يمكن أن يتجسد بشكل كامل إلا عندما يتوفر شخص يستطيع أن يعبر عنه وآخر يفهمه ويدركه بعمق. فقط عندما يتحقق هذا التوازن، يمكن أن يتألق الحق بكامل بريقه.
قيمة العلم:
"العلماء في الأرض كالنجوم في السماء، من تركها ضل، ومن غابت عنه تحير." يرسم جبران صورة قيمة العلم والمعرفة في حياتنا، حيث يشبه العلماء بالنجوم الساطعة في السماء. فإذا تخلينا عن العلم وتجاهلناه، فإننا سنضل في ضلالنا، وإذا فقدنا العلم، فإننا سنعيش في حيرة وجهل.
قيمة العمل الإيجابي:
"الشجرة المثمرة وحدها يهزها الناس، ويضربونها بالحجارة." يشير جبران إلى أن النجاح والإنجاز يستقطب الانتباه وقد يجعل البعض يحاول إخفاقك أو إيذائك. فعلى الرغم من ذلك، ينصح بأن يظل الإنسان مثمرًا وصامدًا في تحقيق أهدافه بصدق وإخلاص.
تُجسد هذه المقولات الحكيمة من جبران خليل جبران فلسفته العميقة ورؤيته الشاملة للحياة والإنسان. تذكرنا هذه المقولات بأهمية التوازن والتفاهم والتواصل الحقيقي في حياتنا وعلاقاتنا. وتدعونا إلى التفكير بعمق وتقدير القيم الأسمى في الحياة.