لم يسقط الاتحاد الأوروبي بسبب أزمة اليونان المالية. فقد تمكن من تقديم دعم كبير للدولة المأزومة ، وليس معروفاً بعد ما إذا كان ذلك حلاً نهائياً ، أم مجرد تأجيل للأزمة وشراء للوقت.
شراء الوقت مقبول إذا استغل لإصلاح الخلل ، أما مجرد التأجيل مع استمرار نفس السلوك ، فإنه يضمن عودة الأزمة ، ولكن بشكل أكبر وكلفة أعلى.
في حينه كان هناك أعضاء آخرون في الاتحاد الأوروبي مرشحين لتكرار أزمة اليونان ، وفي المقدمة ايرلندا والبرتغال وإسبانيا وإيطاليا ، ولم يستثن ِ البعض بريطانيا (العظمى).
بريطانيا وحدها حزمت أمرها وقررت إصلاح الخلل وإعادة التوازن إلى أوضاعها المالية ، فغيرت حكومة العمال الرخوة ، وجاءت بحكومة جديدة محافظة تملك من الشرعية ما يسمح لها باتخاذ قرارات صعبة ، مما يعني أن بريطانيا والجنيه الإسترليني ستكونان في أمان.
أما ايرلندا ، التي كان البعض يريدنا أن نقتدي بها ، من حيث أنها تشبه الأردن في حجمها وعدد سكانها ، ولأنها استطاعت أن تحقق نجاحات مبهرة وخاصة في مجال تبني مشاريع براقة ، فقد تبين الآن أن تلك النجاحات المزعومة كانت نجاحات كاذبة لأنها ممولة بالمديونية. وقد وصلت الآن إلى حالة الأزمة ، فخفت دول الاتحاد الأوروبي لإنقاذها من الورطة التي أوقعت نفسها فيها. ولكن الإنقاذ يكون عادة مشروطاً بشروط قاسية وأحياناً مهينة.
الإنقاذ في هذه الحالة يكون بإقراضها المزيد من الأموال ، أي أن العلاج هو المزيد من المرض ، ولكنه على الأقل يؤجل الأزمة ، فإما أن تكبر إذا استمرت الحكومة في سياسة التوسع بما يتجاوز إمكانياتها الحقيقية ، أو أن تتجاوز الأزمة إذا قررت تغيير عاداتها السيئة المتمثلة في استسهال الدين.
ليس معروفاً ما إذا كانت ايرلندا ستصمد للعاصفة التي صنعتها بيدها ، ولكن غيرها يقف على الدور ، فهل تصدر صرخة الاستغاثة التالية من البرتغال؟ وإلى أي مدى تستطيع ألمانيا أن تتحمل أعباء إنقاذ شركاء يجدون أنفسهم في حفرة ولكنهم يواصلون الحفر.
لا تهمنا كثيراً ايرلندا ولا البرتغال ، ما يهمنا هـو الدرس الذي يجب أن نتعلمه، ونتعـظ بغيرنا.
(الرأي)