انتشال ابنائنا الشباب مسؤوليتنا جميعاً
فيصل تايه
21-02-2023 12:26 AM
بالمطلق .. انا أقول: ان يجب إعادة النظر في الأطر المؤسسية لتؤدي وظيفتها المفترضة كحاضنة للعمل ومبلورة للتقدم والتطور ، ولابد من إتاحة المجال والفرصة كاملة أمام الأجيال الشابة لتأخذ دورها ومكانها في التعبير عن حاضرها وتطلعاتها ، بالتحرر من الأبوية المسيطرة وإقامة حوار متكافئ بين القديم والجديد ، بين الخبرة والكفاءة ، بين الآباء والأبناء ، مع الابتعاد عن فرض سيطرة الأبوية وتأبيد حالة العقم داخل أطرها وكياناتها ، كما لابد من تحالف واسع يؤسسه الشباب كظاهرة تؤلب المناصرة وتناضل للدفاع عن حق الأجيال الشابة في أخذ دورها ومكانتها وإلزام إن لم يكن إقناع ، الجميع بهذا الحق.
نعم ، شبابنا يواجهون اليوم مسؤوليات وتحديات كبيرة ، بقدر ما هي إرادتهم وطموحاتهم ، فالامر بات يتطلب ضرورة التوجه للشباب لكي نستلهم من عزمهم ومن طموحهم المتوثب ما يحفزنا سبل الإنجاز والنجاح والاستعداد للمستقبل ، زهذا يتطلب ان نتيح للشباب كل فرص التعليم والتطور والبحث والعمل والمشاركة في الشأن العام وفرص السلامة البدنية والعقلية ، لتحقيق عملية التنمية والنهوض والتغيير لضمان المستقبل ، وكذلك فان المسؤولية ستتضاعف اذا علمنا بان نصف شريحة الشباب ، هم من الإناث ، واللاتي تتضاعف معاناتهن في المجتمع ، اما بسبب الثقافة الذكورية الحاكمة او العادات والتقاليد البالية او ما أشبه.
لا بد من مناقشة هذه المسألة بكل شفافية ، خاصة ونحن نرى بعضا من أبنائنا الشباب مندفعين نحو الأفكار الغريبة عن مجتمعنا وقيمنا وتفكيرنا ، لذلك فما يحتاجه الشباب هو الثقة العالية بالنفس وبالشجاعة التي تؤهلهم لاقتحام غمار الحياة ، فما يؤسف له هو ان الكثير من مصادر التغذية الثقافية والتربوية سطحية وإنشائية ، كما ان بعضا منها يغذي المجتمع بثقافة التواكل ، من خلال اعتماد ثقافات الاحلام والقصص الخرافية والتوافه من القضايا البعيدة عن واقع المجتمع .
اننا ومن خلال مسؤوليتنا تجاه أبنائنا الشباب ، لا يمكن ان نتخلى عن دورنا التنويري ، لدعمهم والحرص على تزويدهم بأدوات المعرفة ومهارات التميز ، حتى ينالوا طموحاتهم وتتحقق طموحات الوطن ، حيث لا بد ان نزع فيهم التفكير بإيجابية تجاه مستقبلهم ، فلا نريد للشباب أن يكون مسلوب الرأي -لا سمح الله-، أو عديم الاكتراث بالتطورات المختلفة من حولهم ، أو عديم الوعي بخطورة التحديات التي تحيط بنا ، كما لا نريد للشباب أن يكون محصورين الأفق في التفكير ، أو متمنعين عن البذل والعطاء والعمل.
ما نحتاجه بالفعل تلبية رغبات وتطلعات الشباب ، من خلال فتح قنوات حقيقة ملموسة لنوفر لهم الأرضية الثابتة والإطار الأوسع للتلاقي والحوار ، لإيجاد الثقة بالعمل الراشد والمسؤول والهادف إلى مصلحة الوطن عبر مراكمة الخبرات وصقلها ، فنحن نمتلك طاقات شبابية خلاقة تقود إلى ابراز قيادات شبابية وطنية ناضجة وقادرة على اخذ زمام المبادرة فعليا ليتأكد للشباب دورهم السياسي والمجتمعي والاقتصادي الجدير بمكانتهم وعددهم ولكي يثبتوا جدارتهم وأهليتهم وأحقيتهم في المشاركة بكل ما في معنى المشاركة من أبعاد وقيم.
إن بلدنا بحاجة إلى شباب متقد وملتزم بالوطن يجدد حيوية الدولة واندفاعها ، ويؤمن بهدف سام هو نهضة بلدهم ورفعته ، ويرى في نفسه الشريك المسؤول والقادر وفي عمله واندفاعه الطريق لتحقيق ذلك ، ما يعزز قيم الانتماء للأردن ، خاصة ونحن ماضون في طريق الإصلاح عبر خطة التحديث ، في خطوات متلهفة إلى الإنجاز والتغيير الإيجابي.
علينا ان نسعى لتكون مدارسنا وجامعاتنا منارات علم وحاضنات وعي واحترام للتنوع وقبول الآخر ورفض الانغلاق ، لنبني جيلا منفتحا على الحقيقة لمصلحة الوطن أولا ودائما ، جيل يتمتع بالقدرة على استيعاب التجديد والتفاعل مع العصرنة والتعايش مع المتغيرات، جيل يمتلك الإمكانيات الذهنية الواسعة، فمستقبل الوطن بين أيديهم فهم نعم من يحمل هذه المسؤولية ، ليمضوا في مسيرة البناء والتحديث والازدهار.