٢٦. قال تعالى "اذكروا الله ذكرا" كثيرا" وسبحوه بكرة وأصيلا" "
ذكر الله من أجلّ العبادات ، وأنّى لقلب المؤمن أن يترك ذكر الله ، أنه ذكر دائم مستمر لأن النعم لا تعد ولا تحصى ، ولأن الحاجة لله قائمة ولأن عظمته لا حدود لها حيث ينخ العقل البشري وهو يفكر ثم يتعب فيجد الطمأنينة في واحة والإيمان التي تفسر له الكون والإنسان والحياة احسن وأكمل تفسير ، فهو ذكر لصالحنا حيث يستقر القلب كما قال تعالى " ألا بذكر الله تطمئن القلوب " .
٢٧. قال تعالى " وإذا سألك عبادي عني فإني قريب " قريب وأقرب إليك من حبل الوريد ، مع كل خفقة قلب هو " الله " ومع كل نَفَس هو " الله " قريب معك أينما كنت يراك ويرى أفعالك ويسمع أقوالك " ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد " فلا تبتعد لأنك لن تستطيع الابتعاد مهما كابرت واستكبرت ، ومهما كتبت وتجبرت ومهما غرتك الدنيا فأنت إليه راجع رغم أنفك، فلا تهرب لأنك لن تستطيع الهرب فاقترب بإرادتك قبل أن تُؤخذ بغير إرادتك . هو قريب، وما دام قريبا" فأقبل عليه واطلب منه مهما كانت ذنوبك فحلاوة الاسلام أن جعل التوبة مباشرة بينك وبينه فلا وسيط ولا سمسار ، فاذكره يذكرك ، واقترب منه يقترب منك ، وتذكر أن النبي يونس عليه السلام كان يسبّح في بطن الحوت فكان تسبيحه طوق النجاة .
٢٨. وقال تعالى " وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يتذكر أو أراد شكورا" "
ولهذا فذكرك في كل وقت عند النوم والاستيقاظ والخروج والدخول ونزول ماء السماء وعند الرعد والبرق ، فلا حركة لك الا وهناك ذكر وأنصح بكتاب " الأذكار " للنووي كي نعرف الأذكار التي تغطي كل الأوقات والأحوال وبخاصة أن البشر يعيشون اليوم كوارث وحروب وأمراض وتهافت على المادة واللهث وراء الفانية ونسيان الباقية .
٢٩. قال تعالى " إنما أشكو بثي وحزني إلى الله " نعم البث الحقيقي للحزن إلى الله ، وهذا لا يمنع من الشكوى للناس فيما يقدرون على المساعدة فيه ، لكن البث الأول يكون لله فهو كاشف الهم مزيل الكرب وهو ما مارسه الأنبياء عليهم السلام حينما كانت تنزل بهم الضائقات ، ومن منا بلا ضائقة حتى لو كان معنا المال أو كان لنا سلطان أو كان لنا الجاه والولد ، وكلٌ ادرى بحزنه.
٣٠ . قال تعالى " إذ نادى ربه نداء خفيا" " إنه الهمس بين العبد وربه لا يسمعه الناس بل يسمعه رب الناس رب العالمين . نداء الهمس الخفي بينك وبين الله ليس فيه تصنع ولا تبجح ، ولا سعي لمدح الناس ، وهذا لا يعني بطلان الذكر الجهري للتعليم والتذكير، ولكن الذكر الخاص المخلص هو ذكر القلب وحركة الشفتين بهمس خفي يعلمه القادر على الإجابة المالك لكل الكون وهو المحول للأحوال . ندعو أن يحوّل أحوالنا العامة والخاصة باتجاه الخير فلا حول ولا قوة الا به تعالى .