قال الله تعالى-:( وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُون ۝ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُون).

الأيام تتداول وكأنها تعيد نفسها بتواريخها واحزانها وتبقى ذكريات الاشخاص بأماكنهم المختلفة موجودة بيننا ،وتبقى القصص الشفوية والمكتوبة تتحدث ولا تنتهي، ولكن دائماً هناك قصص تؤلمنا بالحديث عنها وخاصة إن فقدنا أشخاص كان لهم سيرة ذاتية أخلاقية تتحدث عنها الناس نحن ونسمع .

في مثل هذه الأيام في شهر شباط الحزين من عام 1977م، الذي حمل معه الحزن للأردنيين وحمل للوطن والعشيرة بفقدان نخبة من أبناء الوطن بحادث سقوط طائرة الهيلوكبتر والتي استشهدت بها المغفور لها جلالة الملكة علياء وكان يقودها الشهيد المقدم الطيار بدر الدين ظاظا اثناء ذهاب جلالتها برحلة تفقدية للجنوب الاردن .

خرج الشهيد من بيته دون ان يودع زوجته وابنائه وكان ذاهباً كعادته لأداء واجبه الوطني والعمل له ولم يكن يعلم أنه ذاهب ولن يعود .

هذه هي رسالة الشهيد التي لا يعلمها الا الله، الشهيد الطيار بدر الدين أحمد بكر ظاظا من مواليد مدينة السلط 18111940م ينحدر من عشيرة الظاظا الكردية، أنهى دراسته الثانوية بمدرسة كلية الحسين، التحق بسلاح الجو الملكي الاردني كطيار مقاتل بتاريخ 2491959م شغل الشهيد خلال خدمته بسلاح الجو الملكي طيار مقاتل ،طيار مواصلات، مرافقاً لجلالة المغفور له الحسين بن طلال بتاريخ 25111970م ،شارك في اول اشتباك جوي بين الطيران الاردني الاسرائيلي في منطقة البحر الميت 21121964م وكان الاول من نوعه والتي اسقطت بها طائرة اسرائيلية مع ثلاث طائرات اخرى اسقطها زملائه، وكان هذا النصر يسجل كأول نصر في سلاح الجو الملكي الاردني .

سجل له في ملفه العسكري بأنه يستطيع أن يؤدي آي مهمة تسند اليه بكل كفاءة وقدر واتقان، وعلى نحو يتجاوز الموقع من هم في سنه وخبرته ،وكان يتقبل التوجيه يتميز بالهدوء، والسيطرة على أعصابه بما يقتضيه الظرف ،وكان يعمل بحماس ويعشق مهنة الطيران ونال الشهيد العديد من الاوسمة والشارات منها وسام الإقدام العسكري من المغفور له الملك حسين بن طلال رحمه الله ،وسام الاستقلال من الدرجة الرابعة ، الوسام الاسباني ، الوسام الروماني ،وسام الاستحقاق من الدرجة الثالثة ،وسام الاستحقاق المصري من الدرجة الرابعة ، وسام نسر الاستيك المكسيكي من الدرجة الثانية وسام الصليب الاحمر النمساوي من الدرجة الاؤلى ،وسام الكوكب من الدرجة الثالثة ،ميدالية معركة الكرامة ،وشارة تقدير الخدمة المخلصة ،وسام المئوية في 4112021م، وتخليداً للذكراه أطلق على أسمه أحد شوارع جبل اللويبدة في العاصمة عمان واطلق اسمه على احدى شوارع مدينة السلط .

قدم الاردنيون الكرد العديد من الشهداء وكان بينهم عامر ظاظا الذي استشهد في المفرق 2871964م، وهو شقيق المرحوم بدر ظاظا وكانا من الطيارين المميزين في سلاح الجو الملكي، وصالح عواد الكردي من شهداء عام 1948م وكان بوظيفة نائب لاسلكي ومحمد محي الدين ظاظا في فلسطين، وعباس مصطفى ظاظا الكردي بعام 1957م، ولعل قوائم الجيش العربي يحمل الكثير من الأسماء التي لم تسعفني أن اكتبها جميعاً.

قدم الاردن الشهيد تلو الشهيد في الجهاد المقدس سواء عن فلسطين او الدفاع عن الوطن او في الفتنة السوداء او في مهمات العسكرية او الواجب المدني ...الخ، ولكنهم فدائيين القواعد الشرفاء الذي لم ينتظر آي منهم حتى الاشارة لهذا الواجب بكل كانوا جاهزين بدون موعد او تجهيز او وصية لهم .

هؤلاء يستحقوا منا أن نكتب وندون عنهم عاماً بعد عام ليبقوا في ذاكرة الأجيال قبل ذاكرة الوطن ليتعلموا معنى الوطن والشهادة في سبيل هذا البيت الذي ننام به بأمن وأمان هذا هو الوفاء بدون مقابل او تفكير .

هنيئاً للشهدائنا الأبرار هذه الشهادة التي أعتز بها الوطن والعشيرة وابنائكم لتبقى وسام على صدورهم يحملونه بفخر وعز من الاجداد الى الاحفاد.

والوقت والزمن لن يتوقف بتقديم الشهداء للوطن، وكنا وما زلنا وسنبقى جميعاً شهداء للوطن .