الثروة المعدنية كنز إستراتيجي
م. حمزة العلياني الحجايا
19-02-2023 09:10 AM
أمام الأردن الغني بالموارد المعدنية والفلزات؛ فرصة كبيرة للمنافسة عالمياً؛ للاستفادة من المتغيرات الجيوسياسية والتنافس العالمي في توجيه الاسواق والشراكات الدولية ليصبح مركزاً لوجستياً لقطاع المعادن، من اجل تحقيق قيمة مضافة حقيقية من الصادرات المعدنية تتفوق على تصدير الخامات تشمل الغذاء والصناعات الخضراء وتحول الطاقة على نحو سوف يُعزز النشاط الاقتصادي في المملكة واستدامة سلاسل التوريد العالمية حسب الرؤية الاقتصادية 2033.
نمت مساهمة الصناعة الوطنية عام 2022، حيث أثبتت دورها المحوري في الاقتصاد الوطني بمساهمتها بأكثر من 45 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، حيث يعتبر قطاع التعدين أحد اكبر القطاعات الصناعية، ويشكل الفوسفات والبوتاس أهم موارد الاردن الطبيعية، والتي حققت أرباحا قياسية في عام 2022، حيث بلغت أرباح الفوسفات 736 مليون دينار والبوتاس 601 مليون دينار ستنعكس إيجاباً على مدفوعات الشركات من رسوم وضرائب وعوائد تعدين وتوزيع أرباح لخزينة الدولة لتتجاوز 800 مليون دينار، كذلك ارتفع مساهمتها في احتياطي العملات الأجنبية والميزان التجاري وميزان المدفوعات الى 5.5 مليار دولار.
الحكومة ممثلة في شركة ادارة الاستثمارات الحكومية (GIMC) تساهم بنسبة 26 % في شركتي مناجم الفوسفات والبوتاس العربية، وكذلك يساهم صندوق استثمارات الضمان الاجتماعي (SSIF) بنسبة 16 % في مناجم الفوسفات و10 % في البوتاس العربية، ونتائج كلتا الشركتين الايجابية ستنعكس على المساهمين مما سيعزز السيولة المالية لضخ استثمارات جديدة في قطاع التعدين تشمل النحاس والمنغنيز والذهب والزركون والسيلكا والليثيوم والعناصر الارضية النادرة واليورانيوم وغيرها الكثير، مما سيرفع مساهمة قطاع التعدين في المملكة إلى 11 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2025.
قد نرى خلال المرحلة المقبلة تعاوناً كبيراً بين الشركات العالمية والقطاع الحكومي من خلال المشاركة في عقود (PPP)، والتي لاقت نجاحاً في العديد من القطاعات مثل التشييد والبناء وغيرها، ومن الممكن أن تتوسع دائرة العقود لتشمل عقود الخدمة، والإدارة، والتأجير، والامتياز، والمشاريع المشتركة، لإنشاء المشروعات التعدينية والتحويلية، لزيادة القدرة التنافسية والكفاءة التشغيلية للمصانع من خلال تحسين التقنيات الرقمية وتكنولوجيا التعدين، واستقطاب المهارات المتخصصة في القطاع.
الأردن الآن يعيش مرحلة جديدة لصناعة التعدين، التي ستمكّنه من الوصول إلى مرتبة الريادة، من خلال تحقيق المستهدفات الطموحة، وخطط استثمار طويلة المدى في قطاع التعدين وصناعة المعادن، وزيادة أعمال التنقيب والاستكشاف، ونتوقع أنه في غضون عشر سنوات قادمة ستكون لدينا صناعات تعدينية واسعة ومتقدمة، بفضل المعايير البيئية، واستخدام التقنية الحديثة، وستصبح المملكة لاعبًا قويًّا فى مجال التعدين؛ لجذب الاستثمارات المحلية والدولية في هذا المجال، بما تملكه من قدرات بشرية وتقنية في تبنّي الصناعات التعدينية، لاستغلال أفضل للفرص المتاحة في قطاع التعدين الذي يتطور سريعاً في المملكة.
لذلك لا بد من استراتيجية وطنية للتعدين، تعمل على تطوير بيئة تشريعية واضحةً وشفافةً ومُيسرةً وجاذبة، تتماشى مع أفضل الممارسات الدولية التي تشمل الحوكمة والممارسات البيئية والاجتماعية (ESG) وتحديث بنك المعلومات الجيولوجية ونشرها رقميا، إضافة إلى تحسين نظام الحوافز المالية وإطلاق برنامج تمويل خاص بقطاع التعدين، وتطوير البنية التحتية اللوجستية للقطاع، لاستقطاب استثمارات جديدة في القطاع تعزز دور الأردن الريادي في قطاع التعدين والصناعات التعدينية على المستوى العالمي، وتوفر فرص العمل وترفع مستوى الدخل.
كذلك دعم قطاع الصناعة عن طريق الطاقة المتجددة لتخفيف الكلف عليها، والتسريع في مشروعات الهيدروجين الأخضر، من خلال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، لما تشكله من فرصة للاكتفاء الذاتي في المملكة وبوابة للتصدير، حيث يتوقع أن توفر صناعة الهيدروجين الكثير من الفرص الصناعية في مجال إنتاج الصناعات التحويلية مثل الامونيا، والوقود النظيف، فضلًا عن تعزيز قدرات المملكة الصناعية للتعاون، والعمل مع جميع دول العالم للتحول الاخضر، من خلال تلبية الطلب المتزايد على المعادن، وتعزيز قدراتها الاستثمارية ليكون مستقبل قطاع التعدين في المملكة واعد حقًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
الغد