مسلسل رؤية التحديث الإقتصادي أبواب مُشرّعة للفساد والمحسوبية (1)
سامي شريم
18-02-2023 01:15 PM
إن الأفكار الواردة في الخطة عبارة عن أماني وتطلعات وأحلام يقظة جميلة عالم واسع يسمح للفرد أن يعيش رؤاه المستقبلية ويعيش افكاره البعيدة مستحيلة التحقيق تمكنه من استخدام مهاراته الذهنية وتوظيفها للوصول إلى أهدافه المبتغاة لتحقيق حالة إشباع من خلال الاسترسال في التأمل الخيالي أثناء اليقظة وأحلام اليقظة أرض خصبة للأفكار الإبداعية المبتكرة وقد تكون متطلباً للابتكار في مرحلة لاحقة.
كل ما تحدثت عنه الرؤية الاقتصادية حسب الموقع هو عبارة عن تطلعات وأماني تصلح محاضرات لطلبة الجامعة ولا تعكس ولن تُقدم ولن تؤخر في حالة الاقتصاد الأردني أبداً، بل فيها من تكرار فشل وأبواب فساد ما أنزل الله بها من سلطان فتح الباب لمؤسسات وهيئات مستقلة وهي تجربة أنهكت الاقتصاد الاردني، بل ولا زالت تستنزف كل الجهود الرامية إلى إصلاح الحال والتوسع فيها جريمة بكل المقاييس وكلمة مؤسسة مستقلة تصلح في القطاع الخاص لأنها ملكية فردية لأشخاص ولكن في القطاع العام كلمة مستقلة تعني فتح باب الفساد فلا استقلالية في القطاع العام لأن القطاع العام مُلك للشعب ويخضع لرقابة مُمثلي الشعب ولا يجوز إطلاق هذا المصطلح على أي كيان حكومي، أما ثانية الأثافي فهي التوظيف بالعقود وهو باب آخر من أبواب الفساد الرسمي وسبباً من أسباب خلق الحقد الطبقي بسبب تمايز الرواتب بين الحكومة والمؤسسات والهيئات المستقلة ورأينا من الحالات ما يندى له الجبين موظف حكومة راتبه 500 دينار يستقيل ويعود بعقد ليقوم بنفس المهام براتب يفوق راتب الوزير ويبدو أن الحكومة تريد فتح المجال على مصراعيه لتوظيف أبناء الذوات حيث لا تستقيم الأمور إلا بمشاركتهم الفاعلة كما شاركونا في السنوات العجاف السابقة وأوصلوا الحال إلى ما هو عليه الآن.
كلماتٌ ولا أجمل "تركيز.. تنافسية.. مواءمة.. ابتكار.. شمولية.. تفاعلية.. تطوير.. توسيع.." كلها مفاهيم رائعة في حال وضعها في صيغ قابلة للتحقيق وتتحدث الخطة عن أهداف سهلة سلسة قابلة للتحقيق والقياس والتقييم، وعندما تطالع الأهداف تجدها فضفاضة لا يمكن قياسها ولا وضع معايير تحدد مدى التقدم باتجاه تحقيقها =، بالله عليكم كيف يمكن قياس ووضع معيار لهذا الهدف؟، تحسين نوعية الحياة لجميع الاردنيين من خلال تطوير وتطبيق مفاهيم حياتية شاملة تتمحور حول المواطن والبيئة كما هذا الهدف، تحسين استخدام الموارد الطبيعية في الاردن واستدامتها لاطلاق نمو قطاعي شامل وتحسين نوعية الحياة وهذا الهدف، تطوير الاردن ليكون مركزاً للصناعة في المنطقة من خلال رفد الصادرات سريعة النمو بالمنتجات المتميزة وذات القيمة العالية.
وهكذا هي الأهداف أهداف تضيع بين مفرداتها لفهمها أولاً قبل الشروع في تطبيقها، أهداف لا يمكن نقلها إلى أرض الواقع ولا يمكن ترجمتها ضمن إمكانات الاردن وما هي إلا ذر للرماد في العيون، ليس هذا فقط فهي إضاعة للوقت والجهد والمال دون طائل وليس هذا فقط، بل فتح لأبواب الفساد على مصراعيه من استحداث مؤسسات ودوائر مستقلة وعودة إلى الخبراء والمفوضين والسكرتيرات السوبر والمباني الفخمة والسيارات الفارهة في دولةٍ وصل الدين العام فيها إلى مستوياتٍ كارثية يعيش فيها المسؤول في برج عاجي بعيداً عن هموم الشعب والأمة في قصور فارهة، حيث تزقزق العصافير وتهفهف الفراشات هو وحاشيته مقابل ما يعيشه أفراد الشعب من قهر وظلم وفقر وللحديث بقية.