الزبيدي يكتب لـ"عمون" : وصفي التل
سامي الزبيدي
29-11-2010 03:26 AM
ليس في الكتابة عن وصفي ظلال لتأبين كما تجري العادة حين يكون الموت موضوعا، فالكتابة عن عزيز غاب ليست كالكتابة عن الرمز الحاضر ووصفي في هذا الاطار رمز لا يني يذكرنا صباح مساء بان الاردن ليس مجرد هذه الجغرافيا الممتدة بين الصحراء والغور او هي ذلك الكوريدور الذي ينتظر ما تفعله القوى الدولية والاقليمية ليتكيف في ضوء ما يستقر على الارض، فالاردن في فكر هذا الرمز الاردني النبيل جزء حيوي من فكرة الوحدة القائمة على الاستقلال الفعلي وجعل القرار الوطني مصدره ومنتهاه الوطن وليس استحقاقات خارج الحدود.
تصفع ذكرى وصفي كل المراحل التي اتت بعده فلا كانت مؤتمرات جنيف واوسلو وطابا وشرم الشيخ وواي بلانتيشن وواي ريفير وانابوليس قد اصبحت جزء من الثقافة السائدة ولا كانت فلسطين مجرد دنمات يتجمد فيها الاستيطان ثم لا يلبث ان يتمدد.
وعلى المستوى الوطني لم تكن الخصخصة سياسة تنموية راشدة ولم تكن عملية اطلاق يد القطاع الخاص للعبث في ارواح واقوات الناس نظرية علمية لا مجال لتفنيدها ولا كانت شركات المقاولات والخدمات اماكن لتوليد القادة ففي الوقت الذي كان فيه فكر هذا الرمز النبيل جزء حيويا من الروح الوطنية الاردنية لم يكن هناك متسع لمن كان همهم ارتفاع ارقام ارصدتهم بصرف النظر عن مصدر الثروة.
وصفي التل مرجعية اخلاقية ووطنية اردنية تعيد الى الاذهان نقاء فكرة الوطن والايمان به وان هناك فرق جوهري بين الارهاب والمقاومة الشريفة لانه اول المقاومين حين تكون المقاومة الشريفة سيدة المكان وهو اول ضحايا الارهاب الاسود حين تسود الاضاليل ، الم يتوقع ان يكون ضحية لهذا الارهاب كمصير هزاع المجالي من قبل؟
تستحق ذكرى وصفي اكثر مما هو قائم من مظاهر الوفاء لان الذكرى ليست هنا كسائر الطقوس الاحتفالية التي يراد بها تحويل الذكريات الوطنية الى طقس فلكلوري بل مناسبة لاستعادة خيط ضوء يعين على وضع الاقدام في المكان الصحيح في خضم هذا الضباب الكثيف.
نتذكر وصفي بكل ما في ملامحه من رجولة فائضة ونتسلح بقسماته الصارمة كي نواجه التردي القائم والانحدار المقيم فالاردنيون اليوم يحتاجون لان يتسلحوا بتراث هذا الفارس النبيل كي يعينهم على المقبل من الايام.
Sami.z@alrai.com