في كل كتاب تكليف منذ حكومة فيصل الفايز نجد تشديداً ملكياً على ضرورة الإصلاح ، بل إن احدى الحكومات كانت تحمل تفويضاً صريحاً بالإصلاح السياسي ، ولكنها اكتشفت في أيامها الأخيرة أن الأولوية يجب أن تعطى للإصلاح الإداري .
أما الإصلاح الاقتصادي والمالي الذي تحقق بموجب برنامج التصحيح الاقتصادي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي ، فقد تعرض للانتكاس بعد انتهاء مدة البرنامج وانسحاب الصندوق بحجة استكمال المهمة.
وفي كل كتاب تكليف بعـد ذلك كان هناك تشـديد صريح على الإصلاح ، وفي كل جواب على التكليف كان الرئيس المكلف يدق على صدره ويتعهد بالإصلاح الاقتصادي والتنمية السياسية وإزالة العوائق والاختلالات ، ولكن شيئاً من ذلك لم يتحقق ، بدلالة التشديد على الإصلاح الذي جاء في كتاب تكليف حكومة الرفاعي الثانية.
يقال بأن الإصلاح السياسي والاقتصادي والمالي يحتاج لإرادة سياسية. هذا صحيـح ، ولكن الإرادة السياسية واضحة ، وقد عبـّرت عنها كتب التكليف المتوالية ، فهل ُينسب التقصير إلى حكومات محافظة تماطل في تحقيق الإصلاح ، بحجة المحافظة على الاستقرار ، أم أن هناك عقبات غير منظورة تحول دون عملية الاصلاح؟.
يبدو أن عملية الإصلاح السياسي لن تكون جذرية وشاملة قبل حل القضية الفلسطينية ، وبانتظار ذلك فإن الحد الأقصى الممكن عملياً هو قدر أكبر من الليبرالية السياسية والحريات العامة.
أما الإصلاح الاقتصادي فيتركز حالياً على السياسة المالية فالمطلوب قدر أكبر من الاعتماد على الذات ، وتخفيض العجز في الموازنة ، والحيلولة دون تفاقم المديونية. فالعجز المالي في ازدياد ، والمديونية في ارتفاع ، والإصلاح يحتاج لقرارات صعبة لا يريد مسؤول أن يأخذها على عاتقه حرصاً على شعبيته.
في رده على كتاب التكليف السامي ، يقول الرئيس الرفاعي: لن نتردد في اتخاذ القرارات الصعبة. اتخاذ الحكومة للقرارات الصعبة يحتاج للتفهـم الشعبي والدعم النيابي والإعلامي ، وبانتظار ذلك من المفيد أن تظل الحكومة تحت الضغط لإنجاز المهمة.
(الرأي)