الوفاء للمتقاعدين والمحاربين وفاء للوطن والتاريخ والشهادة
د.بكر خازر المجالي
15-02-2023 02:32 PM
* حراب البنادق هي أمضى من اقلام الرصاص
التضحيات والبطولات لجيشنا العربي الاردني عديدة ، وتملأ الصفحات اعتزازا وفخارا ،وفي كثير من المناسبات الوطنية يكون إسداء العرفان والتقدير لبناة الوطن ولمن ضحوا في سبيله ، ولا تخلو مناسبة كعيد الجيش والثورة العربية الكبرى والاستقلال الا ويكون ضمن الاحتفال تكريم وتقدير واستذكار للرجال الذين اسهموا في البناء والإعمار . ودوما تكون القوات المسلحة في طليعة من يضحي لضمان الامن والاستقرار وتوفير البيئة السليمة لكل الفعاليات في الدولة ، واصبح من الاعراف في كل الدول تقريبا ان يكون هناك يوم لاستذكار البطولات والتضحيات وربما لا تقتصر على الجيش وأفراده بل قد يكون تكريما للمعلم او الممرض او العامل .
والاردن بجيشه الباسل كان دوما في الواجهة يتصدى جنوده بصدورهم لمصادر العدوان مهما كان نوعها ، وشهد تاريخه المعارك المختلفة وقدم كوكبة من الشهداء ، ونجد انفسنا الان امام جيش من المحاربين القدامى يحملون في صدورهم ذكريات الحرب والصمود ، واؤلئك المتقاعدين العسكريين الذين خدموا في المواقع اضافة لكوكبة الشهداء، لقد ارتفع صرح شهداء الكرامة ليروي ويذكر الاجيال بالمعركة والشهادة والانتصار ، وارتفع صرح الشهيد في عمان ليخلد التاريخ بالصورة والرسم والمواد والوثيقة سيرة الشهادة والبطولة ، ومن ثم ليأتي توجيه القائد الاعلى الملك عبدالله الثاني ابن الحسين في الذكرى الاربعين لمعركة الكرامة عام 2012 لدولة رئيس الوزراء لتخصيص يوم للمحاربين القدامى والمتقاعدين العسكريين ، ليكون هذا اليوم تتويجا لكل انواع الاحتفال بالشهادة واستذكار المحارب والمتقاعد .
وجاء في رسالة جلالته ما نصه "
"وقد شكّلت هذه البطولة فصلاً راسخاً في كتاب البطولات الأردنية نفخر ونعتز بها، لأنها الشاهد على أن الإصرار والعزيمة تتغلب على كل الظروف والتحديّات. وفي هذا اليوم، الذي نستذكر فيه وقفات الجيش العربي الباسل، يوم أن صان كرامة الأردن والأردنيين، نقف احتراماً لشهداء الأمة والمحاربين القدامى والمتقاعدين العسكريين، الذين صنعوا هذا النصر بدمائهم وبطولاتهم."
والدلالة الاعمق هو الدعوة لاعادة دراسة التاريخ الذي كتبه الجند بفوهات بنادقهم ومهروه بطاهر النجيع ، وليبقى تاريخنا العسكري سفرا خالدا في الذهن والوجدان ، ويأتي تخصيص اليوم بعد تراكمات المعرفة واختلاط الادوار وكثرة محاولات التشويه والنكران ، ولتكون هذه مكرمة من جلالته وعرفانا لتاريخهم وهو يدرك كجندي حجم التضحية والجهد والمعاناة ، وقد اختار جلالته احد ايام التضحية والشهادة من سجل جيشنا وهو يوم الخامس عشر من شباط الذي شهد عام 1968 قتالا في جبهتنا الشمالية في معركة استمرت لاكثر من سبع ساعات، وعُرِف ذلك اليوم باسم يوم الشهداء السبعة وفي مقدمتهم قائد كتيبة ام الشهداء "الحسين" الرائد الركن الشهيد منصور كريشان .
وانجلى الموقف عن بطولة لجيشنا وازدياد صلابته وصموده وفي اربعين الشهداء السبعة حين كان يوم الثأر في معركة الكرامة الخالدة معركة الانتصار وتحطيم اسطورة الجيش الذي لا يقهر وتقديم هذا النصر للامة العربية التي افاقت على هذا الانتصار الكبير الذي اعاد الثقة وبعث الامل عند كل العرب .
رسالة القائد الاعلى الملك عبدالله الثاني ابن الحسين التي كانت بتاريخ 21 آذار 2012 حملت معاني التقدير وجلالته يقول " إننا إذ نكرس هذا اليوم مناسبة وطنية نعبر فيها جميعا عن تقديرنا لمحاربينا القدامى، لنستذكر دائماً عطاءهم المميز، وجهادهم في سبيل الله والوطن. وهم صنّاع التنمية وأصحاب رسالة الإنسانية والسلام."
واصبح هذا اليوم مناسبة لاستذكار تاريخ جيشنا ورجاله الاوائل من المحاربين والمتقاعدين وايضا هو مناسبة لذكر الشهداء الخادين في الوجدان والضمير وتقدير المحاربين القدامى والمتقاعدين العسكريين ويقول جلالته ". ويخصص كيوم للوفاء للمحاربين القدامى، وهم الرديف لجيشنا العربي وأجهزتنا الأمنية الباسلة"
ونحن امام تاريخ كبير يتطلب ان نكون نحن كبارا امام هذا التاريخ نخدمه بالاحتفال والتكريم لكوكبة الرجال المقاتلين والشهداء ، ولكن ان نصل الى مرحلة ترجمة هذا التاريخ بمصداقية واحترافية في مؤتمرات واعمال فنية تلفزيونية وسينمائية متواصلة تسبر غور كل مرحلة ومحطة ومعركة ، لنبني للجيل ما يجعلهم اكثر اعتزازا بوطنهم وقيادتهم ، فحراب البنادق هي أقلام ماضية تخط تاريخ الجندي بمداد حبر الشهادة وبقيم الثبات والتضحية