عمون- النسيان هو نعمة من الله تعالى، فهو شكل من أشكال الحرية. فلا نسياننا لمواقف أزعجتنا أو سبّبت لنا مشاكل في حياتنا يمنحنا القدرة على الاستمرار بالحياة. إن القدرة على نسيان الأشياء التي تؤلمنا أو تثقل علينا تساعدنا في التحرر والتقدم.
يقال إن أدنى أخلاق الشريف كتمان سره، وأعلى أخلاقه هو نسيان ما أسر له. فالقدرة على نسيان الأمور التي يجب أن تظل سرًا تعكس أخلاقنا الحميدة. والحياة تحمل في طياتها العديد من الذكريات، ولكن النسيان يساعدنا في صب الذكريات في بحر النسيان والاستمرار في الحياة.
في حالة الموت، يُقال إنه الحقيقة الراسخة والواقع الذي لا مفر منه. ولكن خلال عبورنا متاهات العمر، يبقى النسيان هو الواقع الذي يمكننا التحكم فيه. وهنا يطرح الكاتب سؤالًا مثيرًا، فعندما نسأل "ماذا تتذكّرون بالضبط؟"، فإن الإجابة على هذا السؤال تعكس جوهر شخصيتنا وتحكم في حياتنا.
النسيان هو شكل من أشكال الحرية، وتذاكر النسيان تكون باهظة الثمن. قد يكون النسيان هو الخيار الأفضل حينما نرتكب أخطاءً ولم يعد هناك من يعرفها سوانا. فالقدرة على نسيان أخطائنا بسهولة تساعدنا على المضي قدمًا في الحياة.
الذكريات تشكل جزءًا من هويتنا، وغالبًا ما نخفي حقيقتها عن الآخرين. وقد يطلق الكاتب شعارًا يدعونا للاعتراف بأنفسنا من خلال السؤال عن ذكرياتنا. فالذكريات التي لا تفارقنا هي التي تؤثر في حياتنا وتتحكم فيها.
قد يكون النسيان صعبًا ومؤلمًا، ولكن معرفة أيهما أسوأ بين الانتظار المؤلم والنسيان المؤلم هو تحدي يجب علينا مواجهته. إن الاستمرار في حمل الألم والانتظار ليس الحل الأمثل، بل يجب علينا تدريب أنفسنا على النسيان لنتمكن من العيش بسعادة وسلام.
في النهاية، يمكننا القول إن النسيان شكل من أشكال الحرية. قد يبدو الأمر سهلاً، ولكن عندما نجد صعوبة في نسيان الأمور القديمة، تظل تلك الذكريات تعثر علينا في كل فصل من فصول حياتنا. لذا، يجب أن نتعلم كيف ندير تلك الذكريات ونحتفظ بالأمور الإيجابية، في حين نسعى لنسيان ما يؤثر سلبًا على حياتنا.
بالنهاية، يجب أن ندرك أن النسيان له حدوده، ويجب أن نتعلم من الذكريات ونتقبلها كجزء منا. وعلينا أن نمارس التسامح ونتقبل الماضي، دون أن ننسى تمامًا، لأن التسامح الحقيقي لا يستلزم نسيان الماضي بالكامل، وإنما يتطلب قدرة على المضي قدمًا رغمه.