حلفان متضادان يمنعان تحقيق الحلم الفلسطيني وعودة لبنان وسوريا
م. وائل سامي السماعين
15-02-2023 12:47 AM
يحلم الفلسطينيين ان يكون لهم دولة فلسطينية على ترابهم الوطني، ترفع فيها الراية الفلسطينية، مثلهم مثل بقية الشعوب العربية ، ولكن حسب تقديري فأن الأسباب التي تمنع تحقيق هذا الحلم ، هو وجود حلفين متضادين يتصارعان على السيطرة على الشرق الأوسط .فالحلف الأول وهو الأقوى بقيادة الولايات المتحدة الامريكية ويضم إسرائيل ، والأردن ومصر والامارات العربية المتحدة والسعودية وقطر وعمان والبحرين ، واما الحلف الاخر فتتزعمه ايران ويضم سوريا و حركة حماس في قطاع غزة وحزب الله في لبنان ، والحوثيين في اليمن ،وبعض قطاعات من الاخوان ، وسيستمر الصراع بين هذين الحلفين تارة سياسي وتارة عسكري الى حين زوال النظام السياسي الإيراني الحالي العدو اللدود للولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية والبحرين والعرب بشكل عام وشعبه بشكل خاص ،والمتهم من قبل الولايات المتحدة برعاية وتغذية الإرهاب في المنطقة ، وعندما يتم استبداله بنظام اخر مدني ديموقراطي ، سيسهل ذلك جهود الولايات المتحدة في القضاء على داعش ، والحركات الإرهابية التي تحتل شمال سوريا وبعض أجزاء من العراق وافريقيا وأفغانستان ، وسينتهي أوتوماتيكيا وجود حزب الله العسكري في لبنان ، وحركة حماس والفصائل الجهادية ، ويؤدي الى انهاء قوة الحوثين العسكرية في اليمن ، وفي حال تحقق هذا الانتصار للولايات المتحدة ، فقيام الدولة الفلسطينية يصبح في حكم المؤكد ، وتتعافى لبنان ويعود لبنان الى سابق عهده دولة مزدهرة متقدمة ، وقيام دولة سورية ديموقراطية تبسط نفوذها على كامل التراب السوري .
ولكن اذا ما استمر الصراع بين الحلفين في ظل بقاء النظام السياسي الإيراني الحالي ، فأكثر ما يمكن ان يحصل عليه الفلسطينيين في الضفة الغربية من إسرائيل ، هو راحة البال من طرف إسرائيل اذا توقفت العمليات ضدها ، وسيبقى قطاع غزة محاصرا ، ولبنان في حالة تدهور مستمر وسوريا مفككة ، وتتجه نحو الانهيار التدريجي .
العالم كله بما فيه الولايات المتحدة ، يؤكد على شرعية قيام دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران من عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ولكن لن يتم تطبيق هذا القرار الاممي الا بعد زوال النظام السياسي الإيراني الحالي ، واستبداله بنظام سياسي ديمقراطي مدني انساني، يرضى به الشعب الإيراني أولا، و ترضى عنه الولايات المتحدة ، والدول العربية المجاورة خصوصا السعودية ، وزوال الحركات الجهادية المناهضة للولايات المتحدة في المنطقة ، فعندئذ يمكن ان نري تحقيق الحلم الفلسطيني بقيام دولتهم على أراضي الضفة الغربية لنهر الأردن فقط ، وقد يمنح قطاع غزة حكم ذاتي بعد زوال حركة حماس والحركات الجهادية التي تدور في الفلك الإيراني ، او تغير نهجها ليكون مرضي عليه من قبل إسرائيل والولايات المتحدة ومصر وكذلك السلطة الفلسطينية التي قد تقبل بقيام حكم ذاتي لأهل غزة ، فالعلاقة التاريخية بين القطاع والضفة الغربية، تشبه علاقة شعبين عربيين ببعضهما البعض وليست كشعب واحد ، وهذا تدركه إسرائيل والولايات المتحدة وأجهزة الاستخبارات ، فقد يكون اهل القطاع اقرب الى مصر منهم الى اهل الضفة الغربية ، الذين هم اقرب الناس الى اهل الأردن بالطباع والعادات والتقاليد والنسب وروابط الدم ، فأهل الضفة الغربية يشبهون الى حد التطابق في الفكر والمنطق والواقعية والتكوين العشائري اهل الأردن ، وهم بطبيعتهم غير ميالين الى العنف ، ولكن الظروف هي التي تجبر البعض على تبني استخدام القوة او العنف او المقاومة سمها ما شئت وذلك في سبيل تحقيق احلامهم ، ولعلهم اذا منحوا السيادة على ارضهم وسمح لهم بقيام دولتهم الفلسطينية ، سيكونون في جانب الحلف الأمريكي بكل تأكيد ، ولهذا لن يكون هناك خوف على امن إسرائيل وتهديد وجودها . فعدائهم للولايات المتحدة هو لحظي بسبب الظروف، وليس أيديولوجي كما هي إيران او حزب الله او حركة حماس او الاخوان، وعندما تنتهي معاناتهم سيكونون حتما من حلفاء أمريكا في المنطقة، وهذا هو مفتاح الامن الحقيقي لإسرائيل.
واما بالنسبة لسوريا ولبنان، فلن يتمكن هذين البلدين من العودة للحياة الطبيعية ومنع مزيد من الانهيارات المتوقعة وإعادة بناء تلك الدول، الا بزوال قوة حزب الله العسكرية في لبنان، وزوال الوجود العسكري الإيراني في سوريا، وذلك بزوال النظام السياسي الإيراني الحالي، ومن ثم تغير نهج النظام السوري ليكون في معسكر الحلف الأمريكي، والا ستستمر الأوضاع في التردي في كل من لبنان وسوريا لا محالة حتى يخضعان ، فاختيار الحليف هو ذكاء سياسي ، يجنب الشعوب من ويلات الحروب والدمار ، فالحليف القوي سيسخر قوته لحليفه في أوقات الرخاء و الشدائد.
خذوا العبرة من كوبا التي توقفت فيها الساعة في خمسينات القرن الماضي، وكوريا الشمالية اللتين اخترن الحليف الخطاء وفضلتا الصراع مع الولايات المتحدة والغرب، وكان ذلك على حساب شعوبهم التي أصبحت تعاني من شدة الفقر.
فهل هناك حلف استراتيجي انفع لنا نحن في الأردن من الولايات المتحدة وأوروبا في هذا العالم؟ فأتعجب من ان البعض في أحاديثه يطالب بقوة، بمناطحة الغرب على حساب الشعب الأردني، بالرغم من المخاطر المصاحبة لذلك.
قراءة التاريخ تفيد، لأنها عبارة عن دروس مستفادة من معاناة شعوب أخرى عبر العصور وفي كل المجالات. فأوقفوا عدائكم التاريخي للأردن، وشكلوا إذا اردتم معارضة ذات قيمة مضافة للحياة السياسية الأردنية، بدلا من حمل معول الهدم والتحريض على بث السموم والفرقة بين أبناء الشعب الواحد بكل اطيافه واصوله وقيادته التاريخية الهاشمية.