هكذا يفكر "سوليفان " محامي "باسم عوض الله " ولكن ..
محمد مناور العبادي
14-02-2023 06:09 PM
في الوقت الذي تؤكد فيه واشنطن، ان أي تغيير سياسي ينبغي ان يكون من خلال الانتخابات والمؤسسات الديمقراطية وتداول سلمي للسلطة ، فان حملة وسائل إعلامية أمريكية حاليا على الأردن، التي تسعى للأفراج عن د. باسم عوض الله ، تتناقض مع هذا المبدأ السياسي والأخلاقي، الذي يقر به الحزبان الديمقراطي الحاكم ، والجمهوري الذي يسيطر على الكونغرس، مما يؤكد ان هناك بعدا اخر للقضية، لا علاقة له بها قانونيا ،ولا سياسيا، ولا إنسانيا.
اذا ان بيان المحامي الأمريكي" مايكل سوليفان " عن موكله باسم عوض الله، يؤشر على انه يسعى لتغيير مسار قضية موكله ، بتحويلها الى ورقة انتخابيه بيد الحزب الجمهوري ،لعل وعشى ان تمكنه من الحصول على أصوات انتخابية إضافية، تحت يافطة حقوق المواطن الأمريكي، قد تساعده على الفوز في الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني العام القادم ـ عله يصبح سيد البيت الأبيض كما هو اليوم سيد الكونغرس -.
اذ جاء في بيان سوليفان، الذي تناقلته العديد من وسائل الاعلام الأمريكية - المشاهدة والمسموعة والمقروءة - ما يلي: "نأمل أن تسعى القيادة الجمهورية الجديدة لمجلس النواب الأمريكي للحصول على إجابات من إدارة بايدن، حول الخطوات التي سيتم اتخاذها لضمان إطلاق سراح باسم".
من هنا يمكننا الحكم على الهدف الحقيقي لهذه الحملة الإعلامية المفاجئة التي ترافقت مع اعلان " باسم" اضرابا مفاجئا عن الطعام ، لإضفاء صبغة "إنسانية" على القضية اكشن - بدليل ان السفارة الأمريكية في عمان ، دائمة التواصل مع مواطنها، فوجئت بذلك ، كما فوجئت به منظمات حقوق الانسان، وحتى ادارة السجن.
ذلك يؤكد ،ان المحامي سوليفان استهدف من خطته اقناع قادة الكونغرس الجمهوريين ، بان القضية انسانيه وطنيه ، تتعلق بحقوق المواطن الامريكي ، في رسالة اعلاميه علنيه مفتوحة وجهها لهم ، عن طريق الراي العام الأمريكي ، لاستخدامها سلاحا في انتخابات الرئاسة الأمريكية القادمة ، لصالح الحزب الجمهوري،
يحدث ذلك رغم ان المحامي الأمريكي لم يعترض اصلا قانونيا على قرار الحكم ، ولم تعترض السفارة الامريكيه ،ولا الإدارة الأمريكية، لحظة النطق بالحكم ابدا ، ولم يحتج لا حقا احد منهم ، على أحوال السيد باسم عوض الله في السجن ، فاكتسب الحكم شرعيته القانونية والانسانيه في حينها ، كما اكتسب شرعية شعبية قبل سنوات من قضية الفتنة ، حين طالب نشطاء وممثلون لمؤسسات المجتمع المدني الاردني ،والآف الاردنيين في تظاهرات عمت المملكة ، وبرلمانيون، بمحاكمة باسم عوض الله ، بتهمة تبديد الملايين من المبالغ المخصصة لفقراء المملكة ، حين كان وزيرا. مما جعل الحكم عليه يستقبل بترحاب شعبي واسع .
وحسب فقهاء قانونيون فان "قضية الفتنة "انتهت قانونيا ، وان العبث بها لم يعد من صلاحيات السلطة التنفيذية في الاردن، لأن فصل السلطات مبدأ جوهري في الدستور الاردني لا يجوز القفز عنه ، فضلا عن ان اي تعديل ، او تغيير في قرار القضاء الاردني ، قد تقوم به السلطة التنفيذية – وهذا مستبعد - غير مقبول دستوريا ولا شعبيا ، فضلا عما يمكن ان يجره من مشكلات في الداخل الاردني ، قد تؤدي الى مزيد من الازمات الداخلية في المملكة ، نحن في غنى عنها ابدا.
لذا فان الصحوة المفاجئة للمحامي السيد سوليفان ، تؤكد ان هناك محاولة " ذكية " منه لاستغلال الانتخابات الامريكيه كآخر محاولة ، للتاثير في قضية السجين باسم عوض الله ، وذلك بعد ان لم يجد نصا قانونيا ،يتيح له المطالبة باطلاق سراح موكله .. بل بالعكس فان احواله ممتازة - حسب بيان لمديرية الامن العام - و تليق به كوزير سابق ، وانسان ارتكب خطا فاحشا، وان الهدف من الحكم عليه ، هو تطبيق القانون من خلال هيئة قضائية.
كان يمكن لأي نظام غير النظام الأردني ان يتخلص منه بالموت صدفة ، ويغلق ملفه للابد ، دون ضجيج . لكن ذلك ليس من اخلاقيات النظام الهاشمي، الذي يستظل الأردنيون به في السراء والضراء على حد سواء.
*صحفي وباحث