بين الاثنوقراطية والديكتاتورية
د. حازم قشوع
14-02-2023 01:43 PM
يدخل المجتمع الاسرائيلي بمنعطف سياسي خطير مع دخول الاحزاب الدينية التوراتية بمطبخ صنع القرار او ما يعرف بالكبينت الاسرائيلية وهو ما جعل من المجتمع الاسرائيلي منقسم لدرجة حادة بين الصهيونية الاثنوقراطية التي كان يقف عليها منهجه والدكتاتورية التوراتية التي تشكلها الاغلبية في الكنيست الاسرائيلية.
وما بين اغلبية برلمانية توراتية. واكثرية شعبية اسرائيلية ينقسم الشارع الاسرائيلي بين تيار حكومي توراتي متشدد وتيار معارض اثنوقراطي متصهين، حيث يقف الاتجاه الاول من على توراتية عقدية جاءت مع سيدنا موسى، واما الاتجاه الثاني فهو معنون باسرائيلية سيدنا يعقوب، وكما يتخلل الاتجاهين المنقسمين هويات فرعية عديدة، منها ما اتخذ من الشرقية هواه، واخر ما اعتبر روسيا الاصل والاتجاه، واما البقية فلقد اعتبرت نفسها صاحبة السلالة الأوروبية الخلاصة التي تشكل بوصلة المحتوى والعنوان.
وبين ما يبحث عنه نتنياهو من بوابة خلاص بواقع السيطرة على القضاء وما يتطلع اليه فريق حكومته من قبضة مركزية تعنون الاغلبية البرلمانية اطارها تزخف الاغلبية العظمى من الشعب الاسرائيلي للشارع بتظاهرات حاشدة تنادي بتغيير النهج واسقاط الحكومة وتطالب بتحصين القضاء وتحرص على ابعاد سطوة الحكومة التوراتية المتشددة عن استقلالية مكانته ضمن مظاهرات اعتبرت الاضخم منذ الاعتراف الاممي بدولة الاحتلال.
والحكومة الاسرائيلية التي تحاول السيطرة على كل مفاصل الدولة بمركزية قرار يقوم تيار الاغلبية البرلمانية فيها بتقديم مشروع قانون للقضاء بدات قراءته بالقراءة الاولى بالكنيست وهذا ما يعنة سيطرة الحكومة على السلطات الثلاث القضائية كما هو حاصل بالتشريعية والتنفيذية وهو ما سيجعل طابع الحكم الاسرائيلي يقوم على دكتاتورية اثنية بذلك سيصبح النظام الاسرائيلي الاكثر غلوا بالتاريخ الانساني كما هو الاكثر تطرفا بالعصر الحديث.
الامر الذي يجعل من المجتمع الاسرائيلي يحكم من قبل ديكتاتورية اثنية هي الوحيدة بالعالم ولن يكون بمقدور الادارة الامريكية ولا حتى عمق الدولة العالمي الدفاع عنها بعدما تم رفض النموذج المشابه لها بعهد الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب وهو الذي كان يحمل منهجية سياسية تقوم على العرقية الاثنية.
ازمة المجتمع الاسرائيلي الداخلية هذه يحاول نتياهو حلها عبر تصديرها للخارج، من خلال عدوان غاشم على الشعب الفلسطيني الاعزل بهدف استدراجه بمعركة ميدانية تجعله قادر لتخفيف من حالة الاحتقان الداخلي باسرائيل هو ما قد يساعده للهروب من ازمته لكن الى الامام هذه المرة.
وذلك بعدما استعصى عليه حلها من الداخل نتيجة حالة الانقسام المنهجي التي يعيشها الشعب الاسرائيلي الامر الذي قاده لاعطاء الضوء الاخضر للوزير الاهوج، بن غفير ليقوم باجتياح القدس والضفة وتنفيذ عمليات بغزة والاشتباك مع القيادات المدنية الفلسطينية التي تقف ضد شرعنة البؤر الاستيطانية الجديدة وفي حال استمر مناخ التصعيد هذا فان الامر من المرجح ان يتفاقم وان تننقل حالة الاشتباك لعناصر الشرطة الفلسطينية في حال قامت قوات بن غفير بالدخول في مناطق A داخل المدن الفلسطينية وهي المناطق المصانة باتفاقات امنية امريكية وتفاهمات كان قد اعلن عنها الوزير الامريكي بلنكن اثناء زيارته للمنطقة مؤخرا.
وبفصل العقدة الصهيونية عن العقيدة التوراتية في الرابط الاجتماعي الاسرائيلي، يدخل المجتمع الاسرائيلي بنفق مظلم كما يدخل مشروع الدولة الاسرائيلية بنفق ضيق جدا نتيجة انفكاك التيارات الداعمة الصهيونية الخارجية عن نماذج العمل التوراتية الحاكمة وهو ما ينذر بمتغير عميق في حال لم يتم استدراكه من واشنطن بطريقة طارئة.
لاسيما وان اسرائيل تمتلك حوالى 150 راس نووي في ترسانتها العسكرية ومن غير المقبول ان يكون كل هذا السلاح الاستراتيجي بقضبة زمرة متطرفة او ان يتم ادخاله برهانات الفوضى السياسية الحاصلة لان ذلك يهدد الامن الاقليمي والسلام الدولي ويستوجب عليها الحضانة الدولية وذلك لعدم الاهلية.
فاذا كانت المفاضلة ملزمة بين الاتجاهين المنقسمين بالمشهد الاسرائيلي فان المحافظة على "الاثنوقراطية الصهيونية" قد يكون الخيار افضل من "التوراتية الديكتاتورية" بالمعنى الشكلي على الاقل وليس بالمعنى الضمني بالعبارة السياسية، الامر الذي قد يستدعي حل الكنيست، والاستعداد لانتخابات مبكرة نتيجة فشل نتنياهو بترويض التيار التوراتي المتشدد كما كان قد وعد الادارة الامريكية عندما تم تشكيل الائتلاف الحكومي الحاكم، كما يصف بعض المحللين او ان يعيد نتنياهو تشكيل حكومته ضمن نسق مقبول.
والا فان الحل يكون بذهاب الجميع لايجاد مخرج اخر يقوم على معادلة رابح--رابح، وهي المعادلة الاسلم كما يصف ذلك احد السياسيين وهي تقوم لعطاء الكرت الاخضر لنتنياهو لخروج آمن وتشكيل فريق قادر للاستجابة للظرف الذاتي قبل الدخول بروابط وعلاقات طبيعية لا تحل الازمة بقدر ما تعمل على ترحيلها.
وفي ظل تصاعد ازمة المجتمع الاسرائيلي ينتظر ان تدخل المنطقة باعادة حسابات سياسية تطال الكثير من الملفات ذلك لان اسرائيل تعتبر عقدة امنية مركزية رئيسة والتحولات فيها لها حساباتها، فان تجاوز نتنياهو للازمة الداخلية وابقى على تشكيل حكومته فان ذلك له معنى وكذلك سيحمل تبعات اخرى في حال اعادة نتنياهو تاهيل حكومته، واما في حالة رفضه ورفض حكومته فان المنطقة ستدخل بحسابات اقليمية اخرى ناتج عن استخلاص مقرون بزمن المخاض المتوقع في بيت القرار العالمي.