البطالة .. توجد حلول ولا توجد إرادة
د. بشار المجالي
14-02-2023 12:53 PM
يناقش مجلس النواب حالياً موازنة الأردن للعام 2023، وعند التأمل في أرقام الموازنة نجد أن النفقات الرسمالية المقدرة لن تزيد عن 13 % للعام الحالي ، وهي نسبة إذا تم ربطها بمعدل النمو المتوقع لهذا العام والذي لن يصل في أفضل حالته إلى 2.5 %، يؤكد أن مشكلة البطالة ستبقى قائمة بل وسوف تزداد حدة خلال الأعوام القادمة وللأسف ما زلت الحكومة لا تقدم أي حلول عملية تعالج أو تخفف من مشكلة البطالة، وتكتفي بإطلاق وعود وتصريحات مكررة اعتاد الموطن على سمعها وأصبحت جعجعة بلا طحنًاًّ ، مع إن العالم وخصوصاً بعد انهيار الأوضاع المالية في منتصف الثمانينيات وجد أن الحل الأبرز لمعالجة النمو الاقتصادي والبطالة انحصرت بالتوسع في دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، فعلى سبيل المثال تعد المشاريع الصغيرة والمتوسطة مفتاح التنمية في جمهورية الهند وقد أولتها الحكومه الهندية دعما متميزا حتى أطلق عليها بالابن المدلّل للحكومة، أما ماليزيا فقد عالجت مشكلة البطالة حتى وصلت فيها إلى أقل من 3 % عام 2020 من خلال تبنيها لنهج دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
أما في الأردن فإذا أرد شاب اردني إنشاء مشروع فيجب أن يدفع كل ما يملك على التراخيص والرسوم والضرائب قبل أن يبدأ، وإذا أراد أن يوسع عملة فيجب أن يقترض بنسبة فائدة مرتفعة تجعل منه وخلال أشهر قليلة ينتقل من صفوف العاطلين عن العمل إلى صفوف المتعثرين، ناهيك عن المماطلة والإحباط الذي يتعرض له الشاب عند مراجعه أي دائرة أو مؤسسة حكومية لإقامة أو تنفيذ أي مشروع، والقضية لن تقف أيضا عند التمويل والتراخيص بل تتعداها إلى عدم وجود مؤسسة وطنية معنية بصقل مهارات الشباب ومساعدتهم على تطوير مشاريعهم ومبادراتهم من خلال تسويق هذه المنتجات والخدمات في المنطقة العربية والإقليمية
إن الأرقام المرعبة لنسبة البطالة في الأردن والتي وصلت حسب الاحصاءت الحكومية إلى نسبة تزيد عن 23 % والتي تتركز أيضا في صفوف المتعلمين، لا يمكن معها أن نقف وننتظر حلول سحرية، فنحن لا نمتلك ترف الوقت ولا بد من أن تسرع الحكومة في إنشاء صندوق وطني لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة يقدم تمويلا ماليا بنسب فائدة متدنية، تسمح للشباب في البدء بمشاريعه الخاصة، فهل يعقل أن يكون معدل الفائدة الممنوحة حالياً للمشاريع الصغيرة والمتوسطة يزيد عن 12 %، وهل يمكن أن يفتح شاب مشروع يدر دخلاً من بداية تأسيسه أكثر من الفائدة التي يجب أن سدادها؟ كما يجب أن يترافق مع إنشاء الصندوق تطوير منظومة تسهيلات حكومية تقدم للشباب الأردني حزمة من المبادرات تتضمن إعفاء من رسوم التراخيص وتخفيض في الضرائب وتأجيل الاشتراك في الضمان الاجتماعي للخمس سنوات الأولى، إضافة إلى تطوير نافذة تسويقية تتبع وزارة التجارة لتسويق المنتجات الأردنية إقليميا ودولية
هذه المقترحات ليست مبادرات ومشاريع وهمية وليس أفكارا غير قابلة للتطبيق، بل نهج اتبعته معظم دول العالم للخروج من أزمة بطىء النمو الاقتصادي وارتفاع معدل البطالة، لقد عانى العالم من المشكلة و لكنه وجد الحل، أما نحن في الأردن فلازالنا مصريين على ابتكار حلول وهمية،واطلاق تصريحات رنانه فاقمت من المشكلة وأفقدتنا الثقة بالتصريحات والوعود التي لم تجد حتى الآن سبيل في تخفيف نسبة البطالة أو معالجة التردي الاقتصادي الذي نعيش فية .
مستشار تطوير الاداء المؤسسي