كالعادة تحولت الموازنة في نقاشات مجلس النواب الى منصة لقصف الحكومة لكن في اتجاه آخر.
هي لا شك مناسبة مشروعة للسادة النواب يفرغ فيها كل منهم ملاحظاته وانتقاداته لاداء الحكومة لكن ماذا بالنسبة لمقترحات تتعلق في ضبط الانفاق وتعزيز مصادر الايرادات وتمويل المشاريع وخفض المديونية والعجز؟.
في باب النفقات المتكررة لا يمكن الاستمرار في ضغط النفقات التشغيلية، ولا بد من شطب ما لا لزوم له ابتـداء بإلغاء عـدة وزارات ومشاريع غير انتاجية وكثير من المناصب تحت عناوين مختلفة لها مثيل في دوائر ووزارات مختلفة والاهم نظرة جراحية في واقع المؤسسات المستقلة.
أما في باب النفقـات الرأسـمالية فعمليات الشـطب ليست سـهلة لكن يجب توجيهها بما يخدم خطط وبرامج تحفيز النمو وخلق فرص عمل ضرورية أيضاً.
والحالة هذه ينصح في تنفيذ المشاريع الممولـة بمنح خارجية لها مخصصات، وتأجيل المشاريع التي لا يتوفر لها مخصصات ولا تغطيها الايرادات المحلية.
وبانتظار البدائل التي سيطرحها بعض النواب شريطة اجراء تخفيض اكبر لعجـز الموازنة لا يستحسن تشتيت الانتباه عن مقاصد هذه المناقشات وهي الموازنة التي يريد المواطن ان يعرف تأثيرها على حياته العامة.
يعرف النواب ان تنفيذ الطلبات الخاصة أو المناطقية ليس ممكناً في ظل موازنة تعاني عجزا كبيرا وتعتمد على المنح والمساعدات والضرائب والديون لكنهم مع ذلك يعرضونها وهم بذلك يخاطبون قواعدهم الانتخابية وهو حق لهم.
في مجلس النواب تجري المناقشة الحقيقية للموازنة في اللجنة المالية، حيث يحضر الوزير ومساعدوه للإجابة على الاستفسارات والرد على المطالبات، أما الجلسات العامة للموازنة في المجلس التي تستغرق أياماً طويلة فهي مكرسة لإلقاء الخطابات.
أسهل ما يمكن أن يطلبه النواب هو تخفيض النفقات الجارية، وهي التي قدمتها وزارة المالية بالحد الأدنى بمعنى أنها صافية بل على العكس فهي زادت لهذه السنة.
لا يستطيع النواب مثلا أن يطالبوا بزيادة النفقات بل بخفضها.
الحكومة تقول انها قدمت موازنة سعت لان تكون منضبطة وتحفيزية في ذات الوقت ومنسجمة مع الإصلاح الاقتصادي والنواب بدورهم سيفتشون عن ثغراتها لكن لا أحد يريد أن يقر أن إصلاح الموازنة يحتاج لإجراءات جراحية قاسية.
(الراي)