"كل الليل وأنا عم بتوجع، اطلب منك طلب، تعطيني قنينة مي؛ لانه ماية الصحة خلصت من عنا، والخزان خالص".
هذه الجملة للطفلة شام من تحت الركام أحرقت قلبي، وأثارت كل المواجع والأحزان بداخلي، شعرت بشيء حاد يثقب صدري، أنني اختنق!!
امتطيت قلمي، وانطلقت كالسهم بين شدة هذه المشاعر محاولا أن تتوازن حروفي، فنفث القلم الدهشة، يتوسل من شام أن تخبره من أين لها كل هذه القوة؟.
كم انتِ قوية يا شام! تطلبين الماء وانتِ تتألمين معتذرة عن هذا الطلب، ولا تبرري عطشك بالقدر الذي حول الأرض الى خراب في دقائق، بل تبرريه بما يعلمه العالم (أن لا ماء للشرب في البيت)، هي عطشى قبل أن تهتز الديار ويسقط الجدار، قولي لهم يا صغيرتي ولا تخجلي، كيف صمدتي تحت الحطام لساعات طوال؟ .
قولي لهم أنك عشتي كارثة ما قبل الكارثة، أن الجوع والعطش هم أصدقاء الشمال السوري.
تعتذرين وانتِ تتألمين؟، اذا ما عذرنا نحن الذين صمتنا عن عقوبات حرمتكم من أساسيات الحياة وأنتم الضحايا؟.
وهي التي تستطيع أن تحاكم المسؤول وترفع الظلم؛ ولكن المسؤول ليس صدام!، إنما هو الخادم أمام الغرب.
نقلت لنا شام في عذرها ما عاناه الشمال السوري الخاضع للمعارضة المثقل بأعداد كبيرة من السوريين من قلة المياه التي كانت تأتيهم بالتنقيط كما وصفها البعض، والتي لم تتعدى حصة العائلة الواحدة البرميلين، فلا تكفي ولا تروي.
أما عن الأمن الغذائي فهو شبه منعدم، فلم يعد بمقدورهم سوى توفير الخبز لأطفالهم من السوق السوداء، 90% من السوريين يعيشون الفقر كما ورد في عام 2022 من منظمة الأمم المتحدة.
اذا كيف ستكون الحالة الصحية بلا غذاء وماء ومأوى، وهل المستشفيات هي مستشفيات؟؟,
أنا أؤمن أن الله لا يظلم المظلومين، وإن الأرض بكت حالكم، فصرخت واهتزت لتهز المروءة فينا نحن العرب، لنخرج عن صمتنا ونرفع الذل والهوان الذي وقع على أهل سوريا، ما اهتزت الأرض إلا لتنقذكم -والله اعلم- من الموت الذي كنتم تعيشون، ورفعتكم للسماء أحياء مرفهون، فالسماء لا يسكنها الظالمون.
ارفعوا العقوبات عن سوريا، دعوها تولد من جديد، واردموا ذلك العرين الذي يسكنه اليربوع.
عذرا يا شام، تأخرنا كثيرا في رفع صوتنا، فهل تقبلين العذر؟.