أنتِ أمُّنا
أيتها الأرضُ
لا ننكرُ ذلكَ
ولكن لا داعي لأنْ نولدَ من داخلكِ مرةً ثانية!
الظلامُ الباردُ..
الصمتُ الذي تشوبُهُ أصداءُ معاولَ بعيدةٍ..
الجوعُ الذي يتعدّى المعدةَ ويجتاحُ كلَّ خليةٍ بذاتها..
العطشُ الذي يجفّفُ الاستغاثةَ في الحلقِ، ويسلبُ الحبالَ الصوتيةَ حتى قدرتها على الأنينِ..
الحكّةُ اللعينةُ في أرنبةِ الأنفِ، والتي لا نستطيعُ الوصولَ إليها بفعلِ أطرافنا المحشورةِ تحتَ إسمنتٍ إنهارَ كما اتفق..
الغبارُ الذي أصبحَ فجأةً ذا قوامٍ يفوقُ الغبارَ، والعطنُ الذي لا ندري هل هو من جثة تعفّنت في الجوار أم أنّه يخرجُ من أفواهنا..
هلاّ غيرتِ فكرتكِ قليلاً، أيتها الأرضُ، عمّا ينبغي أن يكونه الرَحْمُ!
نعم،
نحنُ نحبُّ أن ندفنَ في صدورِ أمّهاتنا،
ولكن لماذا هذه المرة تحديداً اخترتِ الالتزامَ بالمعنى الحرفيِّ للكلام؟!
حجارتُك ورملُك ليستْ قِماطاً مهما توهمتِ أنّها ناعمةٌ..
والخوفُ ليس بديلاً صالحاً للرضاعةِ الطبيعيةِ..
واليتمُ الذي ينتظرنا هناك في الخارجِ أكبرُ من أيّ وعودٍ يمكن أن يسوقها إلينا غروركِ الغبيّ!
ما أغبى رهانَكِ
إنّنا أصغرُ من أن نذكرَ..
وما أسمجَ مزاحَكِ
حين تصفينَ كلَّ ما يحدثُ بـ "عمليةٍ قيصرية"!
نحنُ نكرهُ "قيصر"
حتى قبلَ أن نولدَ
فلماذا تصرّينَ أن نكرهَكِ أيضاً
قبل أن نخطو خطواتنا الأولى على ترابكِ المُباع؟!