نقابة المعلمين .. بين الأدلجة والبرامجية
د. أميرة يوسف ظاهر
12-02-2023 02:21 PM
تتوجه أنظار الجسم التعليمي والتربوي إلى بيت المعلمين الذي تفتت بطلاق رجعي بين النقابة وما تمثله من معلمين في القطاعين العام والخاص، وبين وزارة التربية والتعليم التي تم إضافة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي إليها؛ ما يعني أن هناك أعضاء من الهيئات التدريسية في الجامعات والكليات سيُضافون إلى أكبر نقابة مهنية في الأردن، ما يحملها مسؤولية وثقل كبيرين في الشارع الأردني، وما يعمل على استعادة الوعي النقابي إلى مكانته بعد أن قام وزير التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي معالي عزمي محافظة بإعادة أعضاء النقابة المنحلة إلى وظائفهم، ومع هذه العودة تعود الكثير من الأحزاب وعلى رأسها جبهة العمل الإسلامي إلى تقييم أوضاعها لاستعادة مواقعها في النقابة بفروعها الممتدة من الشمال إلى الجنوب، وهو ذاته ما يحدث حاليا في الكثير من الأحزاب الأخرى.
وكانت جبهة العمل الإسلامية قد حصلت في النقابة المنحلة على 20% من الأصوات، وقد رافق هذه الأسبقية الكثير من اللغط الذي جعل من تقدم الحركة الإسلامية انتصارا في حينه، في حين تراجعت آنذاك قوى حزبية أخرى نتيجة الحملة الدعائية التي جند لها الإخوان المسلمين وسائل بشرية وإعلامية وإعلانية، وكان آخرها الصراع والصدام مع الحكومة الذي تم استثماره لمصلحة أدلجة النقابة الذي لم يكن في صالح المعلمين، ما جعل الساحة تعج بما حدث وما يمكن أن يحدث إذا تكرر المشهد، ورغم إعلان النواصرة نائب رئيس النقابة وأعضاء الهيئات الفرعية في المحافظات عن عدم نيتهم بالقيام بترشيح أنفسهم؛ إلا أن هناك ما يثير الواقع الانتخابي إلى انتصار في المستوى الذي تقدمت فيه الجبهة مما قد يكرر المشهد ذاته مرة أخرى؛ إذما انبرت جهات وطنية وتكنوقراطية لإبعاد النقابة عن الفكر السياسي والديني الذي يمكن أن يبعدها عن خدمة المعلم أثناء الوظيفة وبعد التقاعد.
وبعيدا عن مستويات الربح والخسارة فقد كان الخاسر هو المعلم مهما كان الهدف من حل النقابة، وسنكون في المستويات المختلفة في الجسد التعليمي مع المصلحة الوطنية، فلا يعقل أن يكون هناك 20% من الفائزين يتحكمون في ال 80% إلا في بلدان الفزعة التي لا نريد أن يكون الأردن منها، وبهذا يكون لزاما على الأغلبية أن تأخذ بزمام العملية النقابية للمعلمين، وعلى الأحزاب أن تفرز أعضاء من المعلمين يمثلون حراكا نقابيا حقيقيا يقدم رؤيته في خدمة المعلم في كل الاتجاهات، ويتقدم بدعم من أحزاب برامجية حقيقية لخوض انتخابات أكبر نقابة مهنية تمثل العدد الأكبر من مثقفين ومتعلمين ومربين يمثلون قادة الفكر، وتكون هذه الانتخابات تجربة مليئة بالدروس لخوض الانتخابات الأكبر لاختيار ممثلي الشعب في مجلس النواب وعبر الأحزاب ذاتها، فهل ستنجح الأحزاب البرامجية الصالحة في تشكيل الحكومات البرلمانية وتكوين حكومات ظل وطنية لتحقيق الهدف التي وجدت لأجله، وفي تبني نقابة المعلمين التي ستأتي على الطريق؟ وهل سيكون علينا أن نتقدم نحن المعلمون في صفوف الأحزاب، وأن نتبنى مشروعا وطنيا يضمن الأمن المجتمعي ويتناول حقوق المعلمين بطريقة لا تعمق شرخا يقوم على الاستئثار بالسلطة في الأماكن التي وجدت لأجل الخدمة المقدمة للأعضاء من معلمين ومهندسين وغيرهم؟ وهل سنستفيد من تجارب نقابية أخرى كانت فيها مشاكل مالية ونقابية عندما قادها المؤدلجون في كافة جهات العمل النقابي ويتنادون الآن جامعين كل أعضاء نقابتهم من أجل إيجاد الحلول؟
إذا لنستفيد من الدروس ونذهب باتجاه برامجية النقابات التي ستفضي إلى تقديم الخدمة المقننة والمفيدة لعضو النقابة بعيدا عن الشعارات التي تتراجع عند الولوج في قيادة العمل النقابي، ونعم كبيرة لأجل أن تكون النقابة مؤسسة مستقلة تخدم المعلمين والمعلمات فيما ينفعهم ويفيد أبناءهم وبناتهم.