facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




في ظلال القلب


سعيد الصالحي
11-02-2023 01:07 PM

عاد قلبي إلى موضعه بعد محاولة الفرار الفاشلة، فقد تم القاء القبض عليه متلبسا وإعادته إلى المكان الذي يفكر بالهجرة منه كل يوم عدة مرات، رجع إلى عمله بدون أي تسوية أو اتفاق لتحسين وضعه، فهو لم ينجح على الرغم من امتلاكه الإرادة ولم تسعفه خطته المحكمة ولا تنفيذه الدقيق، فقد أدرك القلب أن للهروب متطلبات لا يملكها في هذا الوقت، فعاد وأرجأ المحاولة إلى شتاء آخر.

فالهروب للقلب أو لغيره لا يعني بالضرورة القفز إلى بقعة جغرافية جديدة، أو حفظ التاريخ والذكريات خلفك في كيس من الخيش، وكذلك لا تفيد عمليات تجميد أو تنشيف المواقف وردود الأفعال عند الانسحاب، فلو استشارني قلبي كصديق لارشدته كيف يستطيع النفاذ والخلاص دون أن يشعر به أحدا، ولكنه عليم حكيم ويعرف كل شيء لوحده، ويستطيع أن يقرأ الحاضر والمستقبل، وهو لا يخطىء أيضا ولا يعترف بالغلط، فهو مثالي ولكنه يقوم بواجبه في الزمكان الخطأ.

لقد تم إلقاء القبض عليه في المصعد، وهو يقرقع ويجعجع، قبل أن يختار زر الطابق الأقل حراسة والذي سيتسرب من خلاله إلى حيث يريد، وأظن أن الإزعاج الذي تعمد أن يصدره كان ليشعر الحراس حتى يمسكوا به، فهو لا يريد الهروب ولا ينتوي الخروج من عالمي، كل ما أراد أن يعلنه أنه ليس سعيدا وأن علي الاهتمام به ومراعاته أكثر.

لم يدرك قلبي أن محاولة الهروب أو التلويح به لأي سبب كان، هي نقض لميثاق الجسد وجرح في وجه الروح وضربة تحت الحزام للنفس، ومنذ تلك المحاولة فقد مارست صلاحياتي واتخذت عدة إجراءات ضد هذا العضو، فقد حجمت دوره، ونقلت الكثير من صلاحياته إلى أعضاء أخرى، حتى خزانة الأرشيف وألبومات الصور تم نقلها من رحابه، وكنت أكثر رحمة به فلم أحرمه من الطعام والشراب والهواء، ولكني لم أعد أكلمه أو أستسر إليه، وكتبت على أحد جدرانه، "أصمت لتهرب وأهدأ لأنجو أيها الأحمق".

فالقلب لم يتعلم في مدارس التراث والمأثور، ولم ينهل من علوم الأموات، فلم يعلم أن السكوت من ذهب، وأن من يصمت لا يضطر للإعتذار، وأن القناعة لا تفنى، وأن عصفور اليد خير من عصافير الشجرة أو المحفظة، فقد أخبره علم الأحياء أن عليه أن ينبض ويتكلم أما علم الأموات فأرشده إلى الصمت، وعندما جازف وقرر أن يجرب وأن يأخذ بنصيحة علم الأموات وأن يصمت لبرهة، فصار كائنا بين الحياة والموت، وأضحى ظلا لجسدين.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :