ربما لم نعتد في تربيتنا على ثقافة الإجازات البسيطة وفسحات الراحة المطلوبة لأي فرد منا في الحياة، فأحياناً ساعات قليلة من التغير المكاني والتأمل في الطبيعة قد تعادل ساعات كثيرة من النوم المضطرب، كما أنها كفيلة بزيادة فرص الإنسان منا في الإبداع والتقدم.
فالموضوع ليس بالرحلات الخارجية ولا بالميزانيات الضخمة والكثيرة... القصة تكمن في تغيير الأماكن داخل بلدنا بهدف الإستمتاع وتغيير الأجواء المحيطة بنا، فالمعروف أن ملازمة المكان الواحد أو نوعية الطعام الواحدة قد تصيب الفرد منا بالسأم والملل؛ مما يجعله يشعر بالرتابة في حياته فتنتابه الرغبة في التجديد... فإذا سافر الواحد منا أو إنتقل لأيام قليلة إلى مكان آخر داخل بلدنا الثري بتنوعاته الطبيعية فستختلف حوله المشاهد والأجواء، مما يساعد كثيراً في ذهاب الهم والقلق عن النفس وزيادة القدرة الإستيعابية لدينا على تحمل ضغوطات وأعباء الحياة اليومية المعاصرة.
من يظن أن كفاءة الإنتاجية قد تتعارض مع الراحة المعقولة فهو مخطئ... فدول العالم الصناعية والمتقدمة قد ضربت لنا مثلاً حياً واضحاً من خلال إستغلال وقت الإجازات القصيرة الداخلية بكفاءة.. حيث يعود الفرد لعمله بطاقة أكبر، بعد أن يشحن نفسه بفسحة من الراحة مهما كانت قصيرة أو عارضة.
إن التنقل داخل بلدنا الجميل والخروج عن روتين الحياة اليومية ورتابتها هو ليس السفر بمعناه المعتاد فقط، إنما هو السفر بمعناه الأعمق والأكبر... فهو الذي ينقلنا من واقعنا اليومي المحدود ومجالنا الواحد الى مجالات ومناطق أوسع وأشمل، فليس مستغرباً أبداً أن السفر والإنتقال من منطقة الى أُخرى يعتبران وسيلة من أهم الوسائل التي تساعدنا في النضج الفكري والنمو الشخصي؛ كما وأنهما وسيلة محببة لإستبدال رؤيتنا المحدودة بأُخرى تتيح لنا رؤية وتقييم واقعنا بشكل أفضل!!.
هذه الرحلات البسيطة تساعد الكثيرين منا في التخلص من التراكمات الجسدية والنفسية الهدامة بحيث نبدأ بالتصالح والتصافي مع أنفسنا؛ مما يعمل بالتالي على زيادة تقبلنا ومحبتنا للآخرين من حولنا.
الرحلات والسفر بين المناطق قد لا تعني مجرد الخروج من مكان الى مكان آخر بقدر ما يضيفه هذا التنقل من ثقافة وسلوك مختلف في وعينا... فرؤيتنا لأُناس يعيشون مثلنا لكن بشكل قد يختلف عنا أحياناً ويتبنون سلوكيات أُخرى هي التي تصنع الوعي فينا وتثريه؛ مما يجعل شخصياتنا أكثر نضوجاً وتفهماً للآخرين مهما تباينت أو إختلفت سلوكياتهم عنا!!.
Diana-nimri@hotmail.com
(الرأي)