حوار من تحت الركام بين شقيقين
أ.د.جهاد محمد حمدان
09-02-2023 02:40 PM
وصيّةٌ واحدة وأُغمضُ عينيّ وأمضي
هذه المرّة ليست ككل المرّات
كنّا نخاتلُ أمّنا كلّ مساءْ
تُشعلُ النور فجأةً فترانا يقظيْنِ كنمريْنِ صغيرينْ
تُبْرقُ أعيُننا وسَط الظلامْ
أغمضوا عيونَكمْ فنغمضها
هي تمضي فتعودُ عيونُنا إلى اتّساعها
ويعودُ همسُنا إلى أحلى كلامْ
تسمعه أمنا لكنها لا تعودْ
المرّةُ مختلفةٌ جدّا يا عبد الباقي
ها أنا أغادر وأنت للآن باقٍ
وصيةٌ واحدةٌ فقط إنْ لم يُغيّبك هذا الركامْ
وإنْ نجتْ أمي معك
أتذكرُ كأس الحليب بل كأسي وكأسك كلّ صباحْ؟.
كانت تظلّ واقفةً تنظرنا حتى لا يظلَّ في الكأس قطرةْ
ستنظُركَ وحدكَ ومعك كأس الحليبْ
لا تقلْ لي من أين سيأتي وكيفْ
سيأتيك من ألف مكانٍ ومكانْ
سيأتيك إلى بيت جديدْ
إلى خيمة ربما أو كوخ إنْ غضب منّا الزمانْ
وإنْ لم ينتبه إليك وإلى أمي
الأهل وبعض الصحب والجيرانْ
وصيتي هيَ اشرب الكأسين يا عبد الباقي
افتح عينيك مرةّ واغمضهما
مرةّ أخرى وتكون صرتَ جاهزاً للمدرسةْ
أهناك مدرسةٌ بعد هذا الدمار؟.
نعم هناكْ..
كانت أمي تقبّلني قبلك فأقفُ بالباب حتى تقبّلكْ
ستقبّلك أنت وحدك
أُحَلّفك ألا تمضي حتى تذّكر هذا الحوار
وحتى تطبعَ امي على جبينك
بدل القبلة قبلتين..