المنطقة بين التشخيص والتجريد
د. حازم قشوع
09-02-2023 01:06 PM
ما يدور حولنا من اجسام تعرف من واقع التشخيص وما يعرف حولنا بدلائل يسمى من منظور التجريد وما يراد اكتسابه بالتمايز فيعرف باطار التقليم وما بين التشخيص والتجريد تكمن المعرفة التي تقوم على الاستدلال والبرهان بقلم ترسيم البيان.
فاذا كان التقديس هو وصف تشخيصية بدلالة محددة او انه يتكون من واقع جغرافية مكان، فان التكريم هي سمة تجريدية بدلالة العمل المقام، الذي يمكنه ممايزة العلاقة الكامنة بين قدس المكان في جغرافية بيت المقدس على سبيل المثال ومقصد المنزلة بعنوان العمل الذي يدور حول مكة برمزية دلالة، وهي حقيقة لمعادلة التمايز القائمة بين جغرافية المكان من باب التقديس من لتشخيص واقع واداة تكريم شعائر الطواف بالكعبة من باب التجريد.
فإذا كان التشخيص وسيلة قياس معرفة بحدود وكان التجريد اداة استدلال معرفة باستنتاج فان القلم يشكل ضابط الايقاع القادرة على التقليم كما يشكل بذات السياق اداة الوزن والميزان في بيان المعرفة بحدودها وضوابطها لكن بذات المرجعية القيمية الوازنة للرسالة الانسانية، فالانسان كما الجبال والابحار تعرف من باب التشخيص كونها جمعيا تحوى على نظم محددة ذات اطر بائنة اما الانسانية فهي مرجعية قيمية تعرف كما يعرف الصوت والضوء وما بينها من آفاق بالسمة الوصفية الدالة عليها وتظهر عبر صدى وظاهر النتيجة ولا يتم ومن نتائج العمل بدافع الفعل.
وحتى لا نغرق بعلوم الفلسفة ونبحر بمنطق التكوين فإن علم اتباع هذه المنطقات المبدئية تكون نماذج عمل حياتية وتتطلب الوقوف عند السبب بدواعيه الذاتية وحواضنه الموضوعية من دون الاغراق بتفاصيل المسبب من باب التشخيص بل بالوقوف عند الاسباب الكامنة من مدخل النجريد لان طرفي هذه المعادلة تعتبر باركانها أداة قياس صحيحة في حال ترافق المسبب مع السبب بذات التعليل وحملت نتائجه استخلاصات مفيدة بالمعنى الضمني كما بالشكل الكلي.
وهو ايضا ما يمكن اسقاطه على معادلة اخرى في ميزان التقييم عند تحديد حواضن الانطباع وبناء اوزان الحقيقة لان الحقيقية بهذا المقام اداة تجريد بينما الانطباع يشكل بكل حواضنه وسيلة تشخيص تقوم على نموذج الحركة وآلية التحرك بينما تعتبر الحقيقة قيمة وصفية واداة تجريدية تبنى على الباطن من وحي الاستدلال ولا تعرف بالظاهر من واقع محددات صورية وهو ما يجعلها كامنة وإن كانت مكتوبة يقراءها العموم ويعرف ما هيتها الخصوص.
خلاصة القول فإن مسألة التشخيص حالة ضرورية للاصلاح فإن تم اعتماد وسيلة التجريد للاستخلاص الواقعة بين مصداقية الناقل والموضوع المنقول فإن هذا الاستخلاص لن يكون قويم للبناء عليه جملة اصلاحية لافتقاره للنهج التقويم الصحيح الذي لا بد ان يجمع بين ظروف الحالة وحواضنها واسبابها ومسبباتها معا حتى تستقيم حالة التقيم وتصبح اسلم عند وضعها في الميزان، فان العمل على بناء جملة اصلاحية يصعب تكوينه قبل الوقوف على ظاهر الامر وباطنه واتباع علوم المحاكاة قبل الشروع باجراء التنفيذ ذلك لان اختيار الوسائل وادوات التحقيق يجب ان يكون منسجما مع اختيار فريق العمل القادر على بناء الصورة من واقع التصور وبناء جملة تنفيذية مبنية على حالة التشخيص والتجريد.
فان تقدير حال المشهد العام من وحي تصورات انطباعية كالتي ادخلت بها جيبوتي والصومال لن يحدث حالة استدراك كونها جاءت بناءً على تصورات ذاتية وليس وفق صور حقيقية كان من المفترض ان تقف عند المسبب وتبحر بالاسباب لكن سوء التقدير يجعلها تعيش حالة مازالت عليها الى يومنا هذا.
هذا لان التشخيص جاء من وحى تصورات انطباعية تماما كالتي يتحدث عنها البعض مع حفظ القياس في العراق وليبيا او تلك التي شاهدتها من واقع الازمة السورية واليمنية والاخرى التي بدأت تظهر في لبنان بواقع ازمة مالية وهي ذاتها مرشحة بالظهور في مصر اذا لم يحسن استدراكها بحاضنة عربية..
لهذا فهي جمعيها مرشحة للدخول بدوامة الدومينو التي تريد بناء مربع جديد بواسطة مشروع كونفدرالية الاراضي المقدسة قيد التشكيل وهو المشروع الذي بدا الحديث حوله لبناء المرتكز الجديد لما يراد تكوينه كما يصف ذلك الكثير من المحللين، فهل ستبقى اجواء الانتظار سمة المشهد العام ام سيطرأ تغير في ميزان التعامل وتتحول السياسية العامة من ردة فعل الى مبادرة فعل؟!
وحتى تبدأ منظومة المشرق العربي بإستدراك المتغير واخذ زمام المبادرة فإن الحال سيبقى برسم اجابة المستقبل المنظور، لاسيما بعد جملة البيان التي جاءت من واشتطن للدول النفطية في خطاب الاتحاد بالكونجرس قبل ايام الذي جاء على وقع زلازال طبيعية متوالية غريبة الاطوار، وهو ذات المشهد العام الذي يجعل الجميع يقف بحالة تأهب وتوجس ويقظة..!