قرار التوسع في التعليم المهني .. هل جاء مكتملا؟
د. أميرة يوسف ظاهر
09-02-2023 09:51 AM
استكمالا لمقالتي السابقة بخصوص المعلم والتعليم، وانطلاقا من اهتمام جلالة الملك عبد الله الثاني بالتعليم المهني والتقني والتدريب لأنه محرك أساسي للنمو الاقتصادي الذي تصب آثاره مباشرة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة، ويسهم في خفض معدلات البطالة والفقر، إذ أنه يغذي الجسم الصناعي بنوعية أيدي ماهرة تمتلك أدوات المعرفة والتكنولوجيا المتقدمة.
وذهابا إلى الواقع الذي نعيشه في الجسد التعليمي والذي ينبئ بمصير نشهد تراجعه مع كل التقدم الذي يرافق القطاعات التكنولوجية والمهنية، ونزوعا إلى التوسع في التعليم المهني دون إعادة النظر في البنى التحتية في المدارس المهنية ومن هي على شاكلتها، ودون تجهيز مختبرات ومشاغل لكل التخصصات تتناسب والطاقة الاستيعابية للمشاغل، والتوجيه لبعض التخصصات المهنية إذ يشهد بعضها إقبالا عاليا على حساب تخصصات مهنية أخرى يذهب إليها الطلاب لأنها خيارهم الوحيد والأخير لتلقي أحد أنواع التعليم المتاح.
ولأن التوسع في التعليم المهني يجب أن يشهد توسعا في استقطاب معلمين في مختلف التخصصات المهنية وتدريبهم وتأهيلهم وإعادة النظر في ترتيب أولوياتهم التعليمية، ودعمهم للدفع بعملية التعلم لإعداد الأجيال المقبلة بالتفاعل مع القيم التي تدفع بعجلة التعلم الخدمي لتلبية الاحتياجات الاجتماعية والبيئية والمجتمعية على الصعيدين المحلي والعالمي؛ فهناك مدارس مهنية نموذجية في الكثير من دول العالم، وكان من المؤمل أن تقوم الوزارة بابتعاث الكثير من المعلمين والمعلمات في القطاع المهني إلى دول كألمانيا واليابان وكندا والولايات المتحدة وغيرها ممن تقوم على آليات دعم المملكة في هذا المجال، ومن الجدير إعادة النظر في هيكلة واقعهم الاجتماعي والمادي، لأجل أن يقوموا بالعبء الأكبر بين كل موظفي الدولة، ولا يمكن أن نرتقي بالتعليم المهني وغيره دون الارتقاء بالمعلم.
وإعداد برامج مهنية وتقنية من شأنها تخريج فنيين وتقنيين مهرة تركز على التفكير النقدي والإبداعي لحل المشكلات، وعلى أدوات العالم التقنية وتوفر للطلاب فرص اكتساب خبرة العمل بالتدريب الداخلي والتطبيق الخارجي أثناء التعلم للتأهيل الوظيفي، وتغطي العديد من المسارات المهنية مثل: الزراعة وهندسة الحدائق والغابات، وتكنولوجيا السيارات والإلكترونيات، والسباكة والنجارة والحدادة والتمديدات الكهربائية، وفنون الطهي والتغذية، وتصميم الأزياء والتجميل، وبناء الروبوتات وصناعة المحتوى، والفندقة والسياحة، والتنمية البشرية، وحتى الطب البيطري، وبناء هيكلة إدارية وفنية تعمل على المتابعة والإشراف على المدارس الفنية والمهنية بشكل يتجاوز العمل التقليدي.
وعلى المجالس المتخصصة أن تقوم بالتدخل لإنجاح التعليم المهني، بما يتوازى مع تطوير التعليم المهني والتقني في بعض الجامعات المتخصصة كالجامعة الأردنية الألمانية وغيرها، وأن نتجاوز كلاسيكية التعليم إلى تطوير التعليم كما في جميع أنحاء العالم، فلا يعقل أن يكون هناك جامعات متطلباتها لا تتوفر في خريج المدرسة المهنية والأكاديمية العامة وتعمد إلى خريجي المدارس الخاصة والشهادات الدولية.
هي صرخة إذا لكل القائمين على العملية التربوية أن تتكاثف الجهود وتتوحد التوجهات بعيدا عن الأنا التي تتزاحم هنا وهناك، وبعيدا عن أية شللية في كل مواقع العمل سواء كان في المدرسة والمديرية والوزارة بكل هياكلها الإدارية والفنية، وأن يترجم هذا جهدا وطنيا يفضي إلى مؤتمر وطني لأجل التعليم بشكل عام والتعليم المهني بشكل خاص، فلا يعقل أن نركن إلى معاول الهدم بدلا من أن نتشارك في أدوات البناء، التربية والتعليم مؤسسة جديرة بأن يشار لإنجازاتها بالبنان، وجديرة تتبوأ الصدارة في حل مشكلات الاقتصاد والمجتمع فمن هاهنا تقدمت الدول إلى المصاف الأولى.