نهاية مرتقبة لحرب أوكرانيا
اللواء محمد البدارين
08-02-2023 12:57 AM
كل المؤشرات التي تكشف عنها مجريات الحرب في أوكرانيا ، تدفع للاستنتاج ان روسيا لن تحقق أهدافها ، وهذا يعني انها ستخسر الحرب ، في الوقت الذي لا تزال فيه الولايات المتحدة تعرض عليها ما يمكن تسميته هزيمة لائقة ، بهدف تجنيب الأطراف المتحاربة المزيد من الخسائر على طريق نهاية يبدو انها باتت محسومة في نظر واشنطن ، وفي حالة فشل المحاولات الامريكية ، فان الحرب ستستمر بشكل اعنف خلال الأشهر القادمة ، لكن الهزيمة اللائقة المعروضة على روسيا ، حتى الان ، قد تكون غير متاحة بعد التصعيد المرتقب.
في اخر المؤشرات ، هناك تهديدات روسية جديدة باستخدام السلاح النووي ، سبقتها تصريحات متشددة للمسؤولين الروس ، بشكل يكشف عن شعور بالضيق اكثر مما يكشف عن شعور بالثقة ، وفي ظل الإدارة الروسية الحالية للحرب ، فان الخيار المتبع لدى موسكو سيكون المزيد من التصعيد الميداني واستخدام هائل للقوى التدميرية ، لكن كل ذلك ، يبدو انه لن يغير من النتيجة النهائية المرتقبة.
فقبل بدء الحرب ، بفترة كافية ، كانت واشنطن قد قدمت توضيحات مباشرة للرئيس الروسي حول نيته شن الحرب وبصرّته بعواقبها ، لكنه لم يستجب ، واستمرت الاتصالات بين واشنطن وموسكو خلال الحرب ، بشكل مباشر وغير مباشر ، للبحث عن مخرج ما ، يقلل من تكاليف نهاية شبه محسومة ، وكانت احدث هذه الاتصالات رسائل من وزير الخارجية الأمريكي الى نظيره الروسي ، الأولى عبر وزير الخارجية الإسرائيلي يبدو انها هاتفية والثانية بواسطة وزير الخارجية المصري الذي زار موسكو مؤخرا ، يبدو انها شفوية ، لكن الوزير الروسي الذي كشف عن تلقيه الرسالة الامريكية الأخيرة ، بقي اثناء تعليقه عليها في دائرة الموقف الروسي السابق ، وفي غياب اية توضيحات مفيدة ، يمكن الاستنتاج ان الرسالة لا تقدم اية تنازلات ولا تتيح اية فرص مرضية للجانب الروسي.
وفي مؤشر احدث وأهم ، اكد مدير وكالة المخابرات المركزية الامريكية ، انه هو الذي كان قد نقل الرسالة التحذيرية الى الرئيس الروسي قبل شن الحرب ، وحسب تقديراته فان الحرب ستدخل مرحلة حرجة خلال الأشهر الستة القادمة ، وسيكون الحل في ساحة المعركة وليس عبر المفاوضات ، ويبدو من مجمل تصريحه ان واشنطن متأكدة من النتيجة النهائية للحرب.
ويتضح ، من عموم مجريات الحرب ، ان واشنطن تطبق مفهوم (القدرة على الارغام ) ضد روسيا ، وهو مستوى متقدم من الاستخدام الفعال للقوة يتجاوز مفهوم (الضغط الأقصى) المطبق ضد ايران ، فقد مزجت واشنطن في حالة روسيا ، بين العقوبات الاقتصادية والمالية القاسية ، واستعمال الأدوات السيبرانية والعمليات الاستخباراتية والنشاط الدبلوماسي والإعلامي ، وحشد الحلفاء ، مع تقديم الدعم العسكري المحسوب بدقة لأوكرانيا .
ووفق مقتضيات خطة الارغام المتبعة ، أظهرت واشنطن عزمها على استخدام مستوى اعلى من القوة عند الضرورة ، وهي في نفس الوقت لا تزال تحاول تشجيع الطرف الروسي على مراجعة تقديراته السابقة ، التي بنى عليها موقفه حين اقدم على شن الحرب.
ومع ان الكثيرين لا يزالون يراهنون على تحقيق نصر روسي من شأنه احداث تغيير في قواعد النظام الدولي القائم ، الا ان المجريات لا تشير الى إمكانية تحقيق مثل هذا النصر ، بل انها تشير الى نتيجة أخرى معاكسة ، وينبغي التذكير بان الرد الأمريكي على تهديد الرئيس الروسي باستخدام السلاح النووي ، في حينه ، جاء على لسان الرئيس الأمريكي ، بجملة ( لا تفعل ) مكررة ثلاث مرات ، وهو رد متسق تماما مع تطبيقات مفهوم القدرة على الارغام ، الذي يعتبر اعلى مستوى من استخدام القوة ولا تفصله سوى مسافة قصيرة عن الحرب المباشرة.
ستنتهي الحرب ، وسيكون متاحا لكل من يريد استخلاص الدروس ، ان يستخلص ، وبشكل استباقي يقول مدير المخابرات الامريكية ، لا بد ان الرئيس الصيني يشاهد ما يحدث!