لسوريا وتركيا .. الأردنيون يعيشون وجعكم
نيفين عبد الهادي
08-02-2023 12:31 AM
وجع عاشه العالم خلال الساعات الماضية، تقاسمه مع كل مواطن سوري وتركي، وجع لم يمكّنا من الاستمرار في متابعة شاشات التلفزة أو هواتفنا المحمولة لأكثر من دقائق، فقد كانت كارثة الزلزال أكبر من قدراتنا جميعا على المتابعة بجرأة القويّ القادر على مراقبة ما يحدث، سيما وأن أيدينا جميعا مكتوفة أمام هول الفاجعة وآثارها ونتائجها التي طالت آلاف المواطنين في البلدين الشقيقين.
ساعات مضت، وأيام كتبت تفاصيلها دموع أطفال ونساء وشباب وشيّاب، فقد زلزلت الأرض، لتزرع ألما، في أيام نعيش بها أكثر أيام فصل الشتاء بردا، لتزداد أيامه قساوة على عائلات هي بالكاد توفّر وسائل التدفئة، ليزول ذاك السقف الذي كان يحمي أجسادهم وأجساد أطفال من بعض شتاء، وبعض مطر، وبعض ثلوج، ليجدوا أنفسهم تحت أنقاض أو دون مأوى ومنزل، هو الألم بعينه، والوجع بأكثر حالاته أثرا، ورغم كثرة المشاعر وتدفقها حيال ما شاهدنا وتابعنا، لقلّة مفردات الوصف التي يمكن أن تحكي مشاعرنا وتنقل ما نشعر به حيال كارثة زلزال سوريا وتركيا.
لا شك أن الأحاسيس التي تعجز الكلمات عنها تتكلمها المواقف، وفي الأردن تحدثت مواقفنا بقيادة جلالة الملك عن ما نشعر به تجاه الأشقاء في سوريا وتركيا، فكانت الفزعة الأردنية تُسارع الخطى نحو تقديم ما يلزم من مساعدات، على الصعيدين الرسمي والشعبي، فلم يقف النشامى متابعين ولا مراقبين، إنما سعى الأردنيون لنصرة أشقائهم بكل ما أتوا من حبّ.
وبناءً على التوجيهات الملكية السامية بمساعدة أسر الضحايا والمصابين جراء الزلازل التي ضربت الجمهوريتين العربية السورية والتركية، غادرت أمس أولى طائرات الإغاثة التابعة لسلاح الجو الملكي الأردني محملة بمعدات إنقاذ وخيام ومواد لوجستية وطبية، بالإضافة إلى فريق إنقاذ أردني يضم 99 منقذاً من فريق البحث والإنقاذ الدولي، التابع لمديرية الأمن العام، وحاصل على التصنيف الدولي الثقيل وهو من الفرق العالمية عالية الاحترافية، وكذلك خمسة أطباء من الخدمات الطبية الملكية، حيث بدأت الهيئة الخيرية الهاشمية فور صدور التوجيه الملكي السامي بالتواصل مع الجهات المختصة في سوريا وتركيا، وعبر وزارة الخارجية وشؤون المغتربين، باتخاذ الاستعدادات اللازمة لإرسال بعض الاحتياجات الفورية للمناطق المنكوبة مساهمةً من المملكة في عمليات الإغاثة، حيث تم تجهيز شحنات يجري التنسيق لإيصالها إلى البلدين الشقيقين.
هذا هو الأردن، الذي يشعر ويعيش وجع أشقائه، ويسارع بخطوات الخير التي من شأنها التخفيف من ألم شقيقه أينما كان، فيما اعتمدت الهيئة الخيرية الهاشمية كجهة وحيدة المسؤولة عن جمع وإيصال المساعدات، وأن أي تبرعات نقدية أو عينية سيتم تسليمها من خلالها، في ظل بدء عدد من الجهات الشعبية والنقابية بإطلاق حملات إغاثة ومساعدة سعيا لتقديم يد العون والمساعدة، فطالما اعتبر الأردنيون أن الحبّ ونُصرة الأشقاء فعل وليس كلمات لن تجد من يسمعها وسط زحام الآهات والآلام.
للأشقاء في سوريا وتركيا، لكم أشقاء في الأردن يعيشون وجعكم ويسمعون آهاتكم، ويعملون بكل ما يملكون من إمكانيات لتقديم العون والمساعدة، والتخفيف من مصابكم فهو بلد النشامى الذي اعتاد أن يقدّم لمن يحتاج المساعدة كل ما يملك، بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني الذي يوجّه دوما بنصرة كل من يحتاج العون، دون تأخّر عن كل من يحتاجها، هو الأردن من يسابق الزمن ليكون حاضرا سندا ومعينا ومساعدا.
(الدستور)