ساعة الإصلاح السياسي : متى تدق؟!
حسين الرواشدة
25-11-2010 03:13 AM
كلما تراجعت سرعة "قطار" الاصلاح زادت سرعة "نفاد" صبر الناس ، وتصاعدت حدة مشكلاتهم ، ولا يمكن - بالطبع - فهم هذه المعادلة الا اذا تأملنا - جديا - في مشهد انطلاق القطارين ، وطبيعة "السكة" التي يسيران عليها ، وعدد ركاب كل منهما.. وما يدور داخلهما من احاديث وسجالات.
في كتاب التكليف السامي الاخير لحكومة السيد الرفاعي اشارات واضحة ، الى ان مسيرة الاصلاح في بلدنا تعثرت وتباطأت ، وان ثمة اشخاصا ومصالح فردية تقف وراء ذلك ، الامر الذي حرم بلدنا من تحقيق انجاز ما يتناسب مع متطلبات هذا العصر ، وينسجم مع تطلعات الاردنيين في رؤية "حياة" سياسية لا تعاني من الانسدادات ، واوضاع اقتصادية افضل.. وربما نفهم بأن ادراج "قانون الانتخاب.. على اجندة مجلس النواب بصفة الاستعجال ، كما أمر بذلك جلالة الملك ، سيكون نوعا من "الاختراق" لجدران الصمت التي ضربت حول قضية الاصلاح ، وكتمت كل الاصوات التي دعت اليه من الخروج الى الملأ.. والتنفيذ ايضا.
من عطل عجلات "قطار" الاصلاح السياسي في بلادنا؟ ولمصلحة من تم تعطيلها؟ ولماذا عجزت الحكومات المتعاقبة عن انتاج "برنامج" اصلاحي يتوافق مع رؤية الملك وتطلعات الناس ، هل غياب الاصلاح كان نتيجة لغياب الارادة السياسية أم نتيجة "للصراع" الذي لم يحسم داخل المجتمع حول طبيعة الاصلاح ومساراته واهدافه؟ هل ثمة اعداء للاصلاح حقا؟ ومن هم ، وما هي اتجاهاتهم ، واذا كان بديل الاصلاح - كما قلنا سلفا - هو "نفاد" الصبر والفراغ الذي يبحث عمن يملؤه ، والانسدادات التي افضت الى ما نعانيه من عنف اجتماعي وخوف على المستقبل..الخ ، فهل بوسعنا ان نقول اليوم باطمئنان ان خيار الاصلاح قد حسم فعلا ، وان التعامل معه بجدية سيكون هو المخرج.. والبديل ايضا.
قد يكون "تغيير" قانون الانتخاب هو المدخل للاصلاح السياسي ، هذا صحيح ، لكن دفع قطار الاصلاح يحتاج "ماكنة" قوية ، وادوات حديثة ، ومسارات مفتوحة ، ومتابعة ورقابة ، ويحتاج - ايضا - الى اشخاص مؤهلين "لقيادة" هذا القطار ، والى قيم فاعلة تشجع الناس وتمكنهم من المشاركة وتجذبهم الى العمل العام ، وتطمئنهم على حاضرهم ومستقبلهم ، وتبدد فيهم هواجس الخوف والعزوف واللامبالاة.
هل نبدأ بالاصلاح السياسي؟ لا بأس؟ لكن لا بد ان نفتح عيوننا على البنى التحتية التي تصنع هذا الاصلاح وتضمن قوته واستمراريته، اصلاح التعليم مثلا ، واصلاح مرافق العدالة وموازينها ، واصلاح الاخلاق واصلاح مفهوم "المشاركة" لتكون دائمة لا موسمية ، وخيارا لا مجرد "استدعاء" عند الحاجة.
هل ينطلق الاصلاح من داخل البرلمان؟ ربما ، ولكن هذا لا يعفي الحكومة من مسؤولياتها ولا مؤسسات المجتمع المدني ونخبة من ادوارها ، فعملية الاصلاح السياسي ليست مجرد مقررات حكومية ، أو تشريعات يمررها النواب ، وانما - ايضا - ارادة شعبية ، ومن حق الناس ان يشاركوا في انتاجها.. وان "يضغطوا" باتجاه اخراجها من عثراتها.
على مدى السنوات الماضية ونحن ندعو الى "تدشين" الاصلاح ، ونتابع "محاولاته" ، ولكن لم يحن الوقت بعد لكي "نجربه" ونحسن قرارنا تجاهه؟ نتمنى أن يتم ذلك بدون ابطاء.
(الدستور)