لزعماء العرب بعد خروجهم من مواقعهم صرعات لا تصدق ، واسرار تروى ولا تروى ، عما يحدث لهم بعد الخروج من الخدمة،.
اذ كان الزعماء الغربيون يتقاعدون باحترام ويتفرغون للتأمل او كتابة الكتب او القاء المحاضرات ، فان زعماء العرب يفقدون عقلهم ، ويسيرون على "حل شعرهم" في الشوارع بعد خروجهم القهري من مواقعهم.
آخر الاخبار في هذا الصدد ، ما فعله الرئيس الموريتاني المخلوع سيدي ولد الشيخ عبدالله ، حيث تفرغ للعبادة وتحول الى امام مسجد في قرية موريتانية تدعى "لدن" بعد ان اصر رموز القرية على تعيينه اماماً للمسجد وقد قبل الرئيس المهمة مشكوراً.
لا تعرف هل قبل المهمة من اجل الاستغفار ، او من اجل التواضع الذي لا مفر منه ، او تلميعاً لسمعته وتخطيطاً لعودة مباغتة ، ام انه فعل ذلك تحت عنوان "احسن من القعدة في البيت" ولربما هناك تفسير نفسي يقول ان الرئيس بحاجة الى جمهور يقف خلف ظهره ، فان لم يكن رئيساً جاء اماماً.
في شقق لندن كان زعيم عربي افريقي مخلوع يفعل اعاجيب اخرى ، ودون ذكر اسمه ، فلم يترك مشعوذاً في العالم الا وجلبه الى شقته اللندنية من اجل استعادة كرسيه المفقود ، ودفع ملايين الجنيهات الاسترلينية على مشعوذين اكدوا له انهم سيردوه زعيماً.
حتى ان الرئيس الجديد الذي خلعه كان يرسل له ضباط مخابرات متنكرين بصفة مشعوذين فيعرفون ماذا يفعل ويسرقون امواله ويقدمونها لمعلمهم الجديد.
لم ينل صاحبنا سوى الاحتيال والنصب عليه ، ومرت السنين ، وهو مُحمَّل بمزيد من الاحجبة والتعاويذ ، التي كانت تزعق بسببها اجهزة التفتيش في المطارات العالمية ، لوجود معادن فيها ، لكنها لم تؤد الى خروج مواطن واحد يزعق مطالباً بعودة الرئيس الملهم.
زعيم ثالث من دولة عربية جنوبية ، وتم خلعه قهراً كسابقيه ، جن جنونه ، ولم يجد حلا لمداواة جنونه في العاصمة العربية التي جلس فيها ، الا تعيين خمسين اسيويا واسيوية ، البسهم لباساً موحداً ، يأمرهم فيلبون ، يصرخ بهم فيبكون ، وهكذا عوّض غياب الحرس والخدم على طريقته.
القصص الثلاث موثقة ومؤكدة ، وهي تثبت ان كل رئيس دولة وزعيم عربي جاء على ظهر الدبابات ، وسرق السلطة ، وتم الانقلاب عليه وطرده ، لاحقاً ، يموت مقهوراً ، وقبل ان يموت ، ينتحر تدريجياً ، لانه فقد كل شيء ، ولانه لا شيء يذكر خارج السلطة.
الزعماء الغربيون يأتون بانتخابات ويخرجون بانتخابات ويحترمون رأي شعوبهم ، ويتفرغون للعمل السياسي والفكري والاجتماعي ، لكنك لا تجد احداً منهم يدعي انه يفهم في كل شيء كرئيس موريتانيا السابق الذي تحول بقدرة قادر من رئيس دولة الى إمام مسجد.
mtair@addustour.com.jo
(الدستور)