ثلاثون عاما من الأنانية السياسية
المحامي محمد الصبيحي
06-02-2023 12:49 PM
قبل ثلاثين عاما تأسس حزب جبهة العمل الإسلامي وقد كان لي شرف ان اكون واحدا من اوائل المؤسسين.
كانت الفكرة تجمع شخصيات إسلامية اخوانية ومستقلة في حزب إسلامي الفكر والتوجه للعمل معا من أجل ممارسة العمل السياسي الديمقراطي لبناء الوطن ضمن أهداف الحزب التي اولها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وكان اول عمل لبعض قيادات الحزب ارتكاب منكر بحق زملائهم المستقلين، وهو ما سأشرحه لاحقا.
المهم تم فتح باب التسجل للمؤسسين في مكتب جمعية المركز الإسلامي وخلال اقل من اسبوع وصل عدد المؤسسين إلى 175 شخصية إسلامية معروفة كان بينهم قيادات جماعة الإخوان وشخصيات مستقلة اذكر منهم رائف نجم ويوسف حمدان الجبر وعبد اللطيف الصبيحي رحمهم الله وعبد الرزاق طبيشات وغيرهم، وكان القانون يكتفي بخمسين مؤسسا كحد أدنى فطالبنا بسرعة تسجيل الحزب ليكون الأول الذي استكمل أوراقه، حيث كان يتطلب إرفاق شهادة عدم محكومية لكل عضو مؤسس.
ماطل الاخوان في تسجيل الحزب اكثر من اسبوعين ليصل عدد المؤسسين إلى اكثر من 320 لماذا؟؟.
لقد تبين لقيادة الاخوان في الأسبوع الأول أن عدد المستقلين يقارب عدد الاخوانيين فانتظروا حتى سجلت كوادر الاخوان لتشكل أغلبية ساحقة وتم تسجيل الحزب رسميا ليبدأ التحضير للمؤتمر التأسيس الأول.
لاحظ المستقلون الأغلبية الساحقة للأخوانين فاتفقوا مع قيادة الاخوان على أن يتم التوجيه لكوادر الاخوان بانتخاب ربع أعضاء مجلس شورى الحزب من المستقلين وثلاثة ارباع للأخوان وتعاهدوا على ذلك بهدف ان يظل الحزب جامعا للتوجه الإسلامي في البلد.
انعقد المؤتمر في قاعة اطلس وكانت النتيجة طعنة في الظهر للمستقلين إذ لم يتم انتخاب احدا منهم.
في اليوم التالي وجه ثلاثون شخصية من المستقلين رسالة إلى قيادة الاخوان لتذكيرهم بالوعد والعهد المتفق عليه وقدموا استقالاتهم من الحزب واختتموا رسالتهم بحديث رسول الله عليه الصلاة والسلام (آية المنافق ثلاث اذا حدث كذب واذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان).
أنا هنا لا اتهم أحدا وإنما اروي الحدث الموثق في سجلات الحزب (إن لم يتم اتلافها).
وهكذا أجهضت قيادة الاخوان نشوء حزب إسلامي وطني قادر على الفوز باغلبية نيابية يكون قدوة للعمل الإسلامي الديمقراطي السلمي في المنطقة العربية.
لمصلحة من؟؟ هذا هو السؤال الذي بقي مطروحا منذ ثلاثين عاما حتى اليوم؟؟.
النتيجة بقي الحزب بذات حجمه الذي اراده الأخوان، إن لم يتراجع كثيرا وتحول إلى ذراع سياسي لقيادة الاخوان لا يخرج عن قرارها وتوجهها.
كانت فرصة أتاحها الحسين رحمه الله للإصلاح الوطني وضبط الخلل والفساد في الدولة أجهضتها الأنانية الحزبية ان لم يكن هناك سبب او توجيه خارجي لا نعرفه.
رحم الله من رحلوا وسامحهم الأحياء وغفر لهم العلي القدير.
كل الاحترام والمحبة لكثير ممن اعرف من شخصيات الاخوان الذين بقوا في الجماعة والذين خرجوا لإسباب لا أود ذكرها فلقد كنت على قناعة بأن نقد الجماعة كان يصب في مصلحة اعداء الفكر الإسلامي في مراحل معينة لذا لم اكتب ناقدا ولا مجرحا خلال تلك الفترة ولكن التاريخ يسجل ولا يجامل.