من يحدق في الحرب الأوكرانية الدائرة رحاها منذ تاريخ 24شباط 2022 ،و سواء كان مع الجانب الروسي أو الجانب التابع للعاصمة الأوكرانية " كييف " أو معها ومع الغرب الامريكي بقيادة حلف " الناتو " وبالوكالة، لابد له أن يتوقع بأن حربا قد تندلع في الأفق بمستوى عالمية ثالثة مدمرة للحضارات وللبشرية، ومن شأنها أن تعيد العالم الى ما قبل التاريخ، الى عصر المغر والحجارة وبقايا الاشجار، والسبب الرئيسي لأي توقع مثل هذا هو غياب العقلانية والحوار المسؤول، والحرص الغربي على استمرار الحرب الاوكرانية بحجة الدفاع المزعوم عن سيادة أوكرانيا، واتهام روسيا الاتحادية بالشروع بإحتلال أوكرانيا وبقتل الأوكران وتدمير بنيتهم التحتية عن سبق اصرار وترصد، واختراق القانون الدولي، والذهاب ابعد من ذلك الى محاولة استنزاف روسيا من الخارج ومن الداخل والعودة بروسيا الى العهد السوفيتي، واعتقاد غربي أمريكي في المقابل بأن الروس والذين هم اشقاء الاوكران عبر التاريخ القديم والمعاصر يمثلون كوكبا لا يشبه سكان الارض، وبأن الحضارة موجودة فقط في الغرب وفي امريكا ولاوجود لها في روسيا، ونحن نعرف العكس بأن الحضارة الروسية راسخة جذورها في عمق التاريخ ،وما يمتلكه التاريخ الروسي من تاريخ قديم ومعاصر وكتاب ومؤرخين عمالقة لا يملكه غيرهم، والعاصمة " موسكو " ومدينة " سانت بيتر بورغ " و "القفقاس" شهود عيان على ذلك، ولينين، وبوشكين مؤسس اللغة الروسية، ولمانوسوف، وليرمانتوف، وداستايفسكي، وجوجل، لازلوا يتحدثون وسط حضارات العالم المعاصرة .
يا سامعين الصوت صلو على النبي، روسيا لم تبدأ الحرب الأوكرانية – المؤامرة والخديعة- وطعم سنارة الغرب لتقسيم روسيا ولتوزيع مصادرها الطبيعية على اوروبا وأمريكا، بمعنى على الغرب الكسول، وما يتبقى من فتات روسي يرسل لغرب أوكرانيا، أي لـ" كييف "، وهو مجرد سراب وكذبة كبرى وخديعة العصر انطوت على الغرب أولا ونشرت وسط أركان العالم على شكل " فوبيا روسية غير مبررة ،و تخويف من روسيا، وبالمناسبة روسيا لم تخترق القانون الدولي في موضوع الحرب الأوكرانية، ولم تخترق معاهدة الحد من الصواريخ النووية الموقعة عام 1987 في زمن الاستفزاز الغربي ومواصلة تزويد "كييف" بالدبابات والاسلحة المختلفة والمال الاسود وبحجم تجاوز المائة مليار دولارو على نفقة وجيوب سكان الغرب والاميركان وخزائنهم المالية، وهم من خسروا مادة الغاز الروسية الهامة، وحق الروس في الدفاع عن سيادتهم مشروع قانونا، ولن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام الغرب المتهور، وذهبت روسيا الى أوكرانيا دافعة عمليتها العسكرية الاستباقية الدفاعية غير الاحتلالية والتحريرية قبل عام بدعوة من المواطنين في شرق وجنوب أوكرانيا وسط الاقاليم الخمسة المحررة من التطرف البنديري والأزوفي مثل " لوغانسك ،و دونيتسك " الدونباس "، وزباروجا ،و جانب من خيرسون " لحماية صناديق اقتراعهم وتحت رقابة دولية بعد رفضهم الانضمام قسرا الى " كييف " والى الغرب وحلف " الناتو "، واختيارهم السيادة الروسية الاقرب عاطفيا وتاريخيا ومصيريا ،و بعدما تسبب نظام – زيلينسكي المتهور في قتل أكثر من 14 الفا منهم بذريعة اجبارهم على الانضمام عنوة كما ذكرت هنا، وهي جريمة حرب .
وبناء عليه على ماذا يراهن الغرب في تجذيفه تجاه حرب عالمية ثالثة نووية عبر الحرب الاوكرانية ستكون مدمرة له أولا لكونه يخطط للمباغتة بالهجوم حين يتأكد بأن الوقت أصبح لصالحه ،أو بأمكانه أن ينتصر وينهي روسيا من الوجود، وهو محض فانتازيا يصعب تحقيقه على الارض ، وسوف تخسر الرهان أكيد، وما يثير الخوف من الولايات المتحدة الأمريكية بالذات ، وهي التي تملك قوة نووية عسكرية كبيرة الى جانب بريطانيا وفرنسا، هو أنها جاهزة للأنقضاض على الجانب الذي تختلف معه في المواقف الدولية أو لمجرد أنه ناهض عسكريا واقتصاديا وسياسيا مثل روسيا الأتحادية، ولأنها تماحك الغرب في موضوع نشر عالم الاقطاب المتعددة ، ولعدم اعترافها بأحادية القطب الواحد واعتباره في حكم المنتهية صلاحيته، وسبق لأمريكا أن قصفت اليابان بالسلاح النووي عام 1945 تعبيرا عن فرحتها بإنتاج قنبلتها النووية الأولى ، ولوضع حد لنهاية الحرب العالمية الثانية على طريقتها المأساوية الخاصة متسببة كارثة بشرية كبيرة لليابان في زمن عدم امتلاكها للقنبلة النووية، ونرى الان كيف دار الزمن وأصبحت فيه اليابان تقف الى جانب أمريكا في حربها على روسيا عبر أوكرانيا، أي بالوكالة، ولم تنسَ على ما يبدو سيطرة الاتحاد السوفيتي بقيادة روسيا على جزر( الكوريل) الأربعة عندما هاجمت السوفييت مجتمعين نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945، ولنفس السبب لم توقع سلاما مع روسيا حتى الساعة .
وأمريكا استخدمت النووي العسكري المخفض في حادثتي ملجأ "العامرية" عام 1991 و "مطار بغداد " عام 2003 وبعد ذلك، وهنا لا اتحدث عن غزواتها في شتى بقاع الأرض من فيتنام الى افغانستان وعبر يوغسلافيا، والعراق، وسوريا، واليمن، وليبيا، فهو موضوع اخر، وفي المقابل لم يشهد التاريخ منذ عهد انتاج روسيا بقيادة الاتحاد السوفيتي لقنبلتها النووية عام 1949 وحتى الساعة استخدامها ضد أي بلد، أو في أي حرب فرضت عليهم، أو خطط لجرهم اليها مثل الأوكرانية عندما اتهمهم الغرب بتجهيز قنبلة نووية منخفضة القوة تبين كذب المعلومة لاحقا، وحاولت "كييف" استغلالها لأنتاج قنبلة قذرة مقابلة .
ولدى روسيا الاتحادية قناعة أكيدة بتفوقها النووي العسكري على الغرب على المستويات الصاروخية والبحرية والفضائية، وهي تعمل من أجل ذلك كل عشر سنوات وعلى حساب بنيتها التحتية خاصة في مدن الدرجة الثالثة التي تخلوا شوارعها الداخلية من التعبيد وبنسب مئوية مرتفعة، والقوة العسكرية النووية لديها رادعة فقط وليست هجومية الا في حالة تعرضها للهجوم، وهي حالة استثنائية، والخط الساخن بين روسيا ودول "الناتو" حزام امان مانع من اندلاع مثل هكذا حرب ثالثة ساحقة ماحقة، واللقاءات الاستخبارية "الروسية - الأمريكية" رفيعة المستوى ضامنة أيضا للأمن والسلم بين الشرق الروسي والغرب الأمريكي، وتماما كما قال الرئيس بوتين في وقت سابق بأن الفرق بين المهاجم النووي وبين الرادع النووي كما المسافة الفاصلة بين الميت والشهيد .
ويصر الغرب ( المتحضر ) بأن روسيا محتلة لأوكرانيا، وقاتلة للأوكران، وبأنها مارست الابادة البشرية في بعض المواقع الأوكرانية مثل " بوجا " قرب العاصمة " كييف" واخترقت القانون الدولي ومعاهدة جنيف لعام 49، متناسين هدف العملية العسكرية الروسية الخاصة الدفاعية الإستباقية التحريرية غير الاحتلالية، التي اتخذ قصر " الكرملين " الرئاسي في موسكو قرارها بعد اجماع كبار الجنرالات والساسة بحضور الرئيس بوتين، ولم يكن القرار بوتينيا انفراديا اتوقراطيا كما يشيع اعلام الغرب واعلام غرب أوكرانيا بطبيعة الحال، وذهب الروس الى شرق وجنوب أوكرانيا عام 2022 بدعوة كعادتهم كما ذهبوا في وقت سابق الى سوريا عام 2015، ولقد مضى على وجود الروس في المناطق الأوكرانية الخمسة المحررة عام بالكامل ،وهدفهم الكبير اسئصال التطرف البنديري والأزوفي، ولاجتثاث الغرب وسط الاراضي الاوكرانية المجاورة لأراضيهم وفي مقدمتهم حلف "الناتو"، وواصلوا بناء الممكن مما تم هدمه في الحرب خاصة في منطقة " ماريوبل " الحدودية، ونجحوا قبل ذلك في تشييد جسر القرم الرابط بين شبه الجزيرة وروسيا، وزودوه بشبكة قطارات وبمطار مدني حديث، وحاولوا مساعدة الغرب عبر الاراضي الالمانية للحصول على مادة الغاز الحيوية عبر مشروعهم "نورد ستريم 2" الذي تعرض من قبل " كييف " و" الغرب " لاعتداء تحت بحر البلطيق، وكل عمليات التخريب "الاوكرانية – الغربية" مؤسفة لا تمت للحرب الاوكرانية بصلة ومن بينها اغتيال الصحفية الروسية داريا غودينا في موسكو بداية الحرب .
ويتصدر الاعلام الغربي المضلل مشهد الحرب الأوكرانية كذلك ومهمته تشويه صورة روسيا الاتحادية عالميا، وتضخيم خسائرها العسكرية في الحرب والتعتيم على خسائر "الناتو"، ويتقوقع الاعلام الروسي داخل اللغة الروسية ورغم سعة انتشارها الا أنها لا تستطيع مزاحمة اللغة الانجليزية الأوسع انتشارا في العالم، والتي هي لغة الحرب عند الغرب، بينما هي اللغة الروسية لغة الحرب والسلام عند الروس، ومع هذا وذاك يعيش العالم اليوم عصر الترجمة الفورية لأي لغة في العالم، ويقابل هذه المعادلة غياب سلطة المحكمة الدولية في " لاهاي"، وسيطرة واضحة على أركان الأمم المتحدة من قبل أمريكا ومؤسسة " الأيباك " للعلاقات الأمريكية – اليهودية – الصهيونية" الخارجية، ومجلس الأمن مقيد بحق النقض "الفيتو"، ولازالت الرؤيا ضبابية بالنسبة لنهايات الحرب الأوكرانية التي يراد لها أن تكون خالدة.