حالة الترقب التي رافقت تشكيل حكومة نتنياهو انتهت إلى معطيات تقول إن هذه التركيبة وان كانت متطرفة في عنصريتها ومواقفها الا انها تمثل عبئا على نتنياهو الذي يريد أن يبتعد عن الملف الفلسطيني ويضع قصة إيران على رأس الأولويات ويطمح في أن يحقق تقاربا مع الأشقاء في السعودية، لكن ما يجري يجعل الأمر ليس سهلا رغم محاولات نتنياهو تبريد الأجواء مع الأردن وجهات أخرى.
نحن في الأردن تحول ملف حكومة نتنياهو إلى جزء من الروتين السياسي فهناك توقع دائما لهبات من العنصرية والتوتر بمستويات مختلفة، اما التعامل فهو سياسي ودبلوماسي مع الحفاظ على ثبات الموقف الأردني وأولوياته.
وإذا ما انتظمت عملية تطبيق برنامج التحديث الاقتصادي، فإن التوقع ان يذهب صاحب القرار إلى تحريك الأجواء السياسية بتحويل مخرجات التحديث السياسي إلى عملية سياسية أي إجراء انتخابات نيابية يرى فيها الناس للمرة الأولى قوائم حزبية ونظاما انتخابيا جديدا ومجلس نواب فيه عشرات النواب الممثلين لأحزاب وليس لأشخاصهم، وتطبيق هذا الأمر ضرورة لأن هناك قناعات سلبية تجاه هذا الأمر ليس بسبب رفضه بل أيضا لعدم تصور حدوثه بشكل سياسي ومنظم.
الدولة لن تتنظر طويلا في تحويل برنامجها التحديثي السياسي إلى حين تحول الأحزاب إلى قوى مؤثرة وصامدة شعبيا، فالانتخابات إحدى أهم طرق دعم العمل الحزبي بدلا من الوسائل محدودة التأثير التي نراها، فالمواطن سيبقى يتعامل مع فكرة القوائم الحزبية بتردد إلى أن تتحول إلى واقع يراه على الأرض.
والدولة لن تتنظر حتى تحل الازمة الاقتصادية حتى تذهب إلى خطوات سياسية، فالملف الاقتصادي ليس سهلا حتى لو انتظرنا إلى نهاية عام 2024، بل قد يكون الذهاب إلى خطوات سياسية فيه تخفيف لآثار الازمة الاقتصادية.
أصبح واضحا أن خريطة الأزمات التي حولنا بما فيها الاستهداف المباشر أو غير المباشر للأردن واضحة وبالتالي فإن إعادة بناء الواقع الداخلي سياسيا وإزالة الشوائب من كل أنواع في علاقة الأردني مع دولته مهم بل أولوية لا تحتمل الانتظار، فإذا كان بعض المسؤولين يمارس سياسة “التواري” عن الناس في كل أزمة فإن الدولة لا يمكنها أن تفعل ذلك..
(الغد)