استراتيجية "القط والفأر" الاقتصادية في علاقة الحكومة بالمواطن
د. أحمد الحياري
05-02-2023 06:44 PM
كأنها لعبة "قط وفار". ترفع الحكومة الضريبة على المحروقات، فيبدأ المواطنون بشراء السيارات الكهربائية. ثم ترفع الحكومة الضريبة على المحروقات أكثر، فيتوقف كثير من الناس عن شراء السيارات التقليدية، ويستبدلون نمط حياتهم بما يساعدهم على الاستمرار.
اذن. ما هي الخطوة الجهنمية التي ستقوم بها الحكومة من أجل تغطية عجزها وعجز الموازنة بعد ان تنتبه أن فأر المواطن يلعب في ذيله في كل مرة؟
من المخجل القول اقتصاديا إن مصدر دخل الحكومة الرئيسي هو في "الضريبة على المحروقات"، لكنه قول حقيقي للأسف.
بينما لا يجد القرار الحكومي باب طوارئ للهروب من أزماته المالية إلا بعمليات رفع الضريبة على المحروقات، بدأ الناس يحجمون عن البنزين وسيارته.
بحسب الأرقام، فإن نسبة التخليص على السيارات الكهربائية زادت بنسبة 150%.
فيما يبدو فإن الاستجابة الشعبية لضرائب الحكومة هي استجابة عكسية: كلما رفعت الحكومة سعر المحروقات بحث الناس عن بدائل، ما يعني اجهاض الاسباب الحكومية الموجبة لعملية رفع الضرائب على المحروقات أصلا.
كأردنيين نضع أيدينا على قلوبنا خشية من الاجراءات العبقرية التي سيتجه لها القرار الرسمي، بعد هذا المشهد.
فهل هناك خطة حكومية لاستبدال ضريبة المحروقات، أو وضع ضرائب أخرى لتغطية العجز؟ هل نحن أمام ضرائب جديدة على قطع السيارات الكهربائية أو زيادة اسعار الكهرباء او تحرير اسعار المحروقات والغاز؟
المعلومات الراشحة تتحدث عن ترخيص شركتين جديدتين لتسويق المحروقات بعد تحرير أسعارها وتحديد سقوف سعرية لها.
ما يثير الاعجاب، لكنه يثير ذعر الحكومة أيضا أن المواطن أصبح يسخدم الطاقة البديلة بأنواعها لتغذية سياراته.
حسنا. هذا يجعل الحكومة في ورطة. فما هي خطة الحكومة لتغطية عجزها السنوي، أو دعونا نعيد صياغة السؤال بعقلية المواطن: ما هي خطة الحكومة لملاحقة بدائل الاردنيين عن ارتفاع اسعار المحروقات؟ فنحن بحاجة بين 2 – 3 مليار دينار سنويا مصاريف جارية، وفي ظل انخفاض الدعم الدولي واستمرار الانفاق بذات الحجم، ففي النهاية الحكومة مطالبة بتوفير نفقات جارية من رواتب وأجور ونفقات تشغيلية تحرق بنود الموازنة، فمن أين سيأتي الرسمي بكل هذا؟
اعلم أن عقل الحكومة لن يجد إلا الضرائب بأنواعها لتغطية العجز، لكن ما هو مؤكد أن "فأر المواطنين"، لا بد أنه سيبحث عن بدائل معيشية، حتى يستطيع مواصلة الحياة التي يفرضها عليه القط الحكومي. ما يعني وقوع هذا القط في ورطات جديدة، سيبحث لها عن معالجات في ساحة الفأر.
بدلا أن تكون معادلة الاقتصاد الاردني مثل أي اقتصاد دولة، فيه طرفان، يعملان معا لصالح النهوض الاقتصادي، اصبح لدينا طرفان "قط رسمي وفأر شعبي"، يهدد خطط كل منهما الآخر. هذا هو العجز الحقيقي. أليس كذلك؟