الوئام والتعايش فضائل حضارية وإنسانية بامتياز، وهذا ما يجعلهما قيماً ضرورية للعيش المشترك؛ بل للتعايش الإنساني الشمولي؛ كونهما على صلة وثيقة بفلسفة الأخلاق وعلم الاجتماع والثقافة السياسية والقانونية والحقوقية، وبخاصة في العصر الحديث؛ حيث صار يعني قبول الآخر المختلف برحابة صدر، والتعايش معه بصورة طبيعية؛ دون غضب من فكره أو استياء من معتقده. ويسطر الأردن تاريخاً طويلاً من التعايش والتسامح بين مكونات مجتمعه، والذي توج بطرح مبادرة أسبوع الوئام العالمي بين الأديان من قبل جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين، والتي تبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع عام 2010، لتصبح المبادرة حدثاً رسمياً تحييه المنظمة الدولية في الأسبوع الأول من شهر شباط (فبراير) من كل عام. نحن في حياتنا اليومية كأفراد وجماعات نعترف بالآخر، ومن مسؤولياتنا أن نحترم هذا الاعتراف أيضاً، حيث أن هذه المبادرات من المملكة الأردنية الهاشمية هي مبادرات لابد لها أن تنتشر في العالم، لترسخ للوئام والتسامح، ولينعكس بالتالي هذا التعايش على السلام العالمي. وقد استحق الأردن شرف أن يعمل في هذا العالم من أجل نشر ثقافة العيش المشترك، والمحبة، والوئام والتسامح؛ إذ أن تقديم هذه المبادرات من قبل جلالة الملك ما كان بإمكانها أن تنجح لو لم يكن في الأردن سجل من التعايش ، حيث أصبح الحديث عن الوئام الديني ونشر السلام في هذا العالم جزءاً من الدبلوماسية الأردنية. ولأن لكل فرد أو جماعة، أو منظمة دور في زيادة الوعي وتحقيق الفكر الجمعي وحركة التنوير المعرفي بشكل عام لتعزيز ثقافة الوئام والتعايش السلمي، أصبح للجامعات أثر بارز في نشر وترسيخ مفاهيم وقيم الحقوق والحريات والمواطنة والتعايش السلمي والاعتدال والوسطية من جهة، والتصدي للتطرف و الاقصاء من جهة أخرى، ويمكن تحقيق ذلك من خلال عقد المؤتمرات وورش العمل والدورات التدريبية والمحاضرات التوعويه للطلبة التي تساعد على تعزيز مفهوم الوئام والتعايش السلمي، وخلق حراك فكري وثقافي أهم سماته الحوار والتفكير الناقد، والتي تعتبر أهم المرتكزات الثقافية والاجتماعية.