كتاب التكليف لرئيس الوزراء المكلف سمير الرفاعي حدد ملامح الخارطة الاقتصادية لسير الحكومة في المرحلة المقبلة من خلال العمل وفق منظومة برامجية تنموية ترفع من تنافسية الاقتصاد وإنتاجيته.
الركيزة الاساسية في التوجيه الجديد هي الاسراع في تعزيز تنافسية بيئة الاعمال الاردنية امام المستثمرين, ما يعني ان الحكومة مطالبة بالاسراع في انجاز منظومة التشريعات المنظمة لهذا العمل وفق أسس عصرية تحقق الهدف المنشود في استقطاب استثمارات للمملكة واطلاق المشروعات التي توجد فرص العمل.
توسيع شريحة الطبقة الوسطى ما زال يحتل أولوية الخطاب الاقتصادي الرسمي, وهو تحد كبير امام اي حكومة لاعادة الاعتبار لتلك الطبقة التي تآكلت بسبب السياسات الحكومية التي نفذت في السنوات السابقة وادت الى تهميش دور الطبقة الوسطى في المجتمع, ويتحقق هذا الهدف من خلال وقف النزيف الحاصل في القوة الشرائية لدخولهم من جهة, وخلق مناخ مستقر لحياتهم المعيشية.
كتاب التكليف شدد على ضرورة محاربة الفقر والبطالة, وتلك سياسة تستحق الوقوف عندها من قبل الحكومة, فالتجارب السابقة كانت وما زالت مليئة بالشواهد التي أخلت بالاهداف واضاعت الموارد ولم تحقق المطلوب, لا بل رسخت مفهوم التسول المؤسسي بدلا من زيادة الانتاجية والتأهيل لمتلقي المعونة, والنتائج النهائية كانت على عكس التوقع, صرف اموال كثيرة مقابل زيادة في معدلات الفقر والبطالة.
الاشارة بالاشادة من قبل كتاب التكليف بتخفيض عجز الموازنة لهذا العام فيه تحذير واضح للحكومة نفسها لان المحافظة على هذا الانجاز الذي تأتى اصلا بسبب المنح الخارجية وزيادة الضرائب امر لن يستمر طويلا ولا بد من توفير آليات عمل كفيلة بتحقيق التوازن المالي للخزينة بعيدا عن مواصلة الاعتماد على مرتكزات خارجية غير ثابتة مثل المنح, والتحدي الاكبر في هذا الشأن هو في كيفية المحافظة على سلوكيات انفاق رسمية تخفض العجز بطريقة مؤسسية لا تعتمد على قرارات شخصية وبعيدة عن اسلوب الفزعة الذي اعتاد المواطن على مشاهدته بين الفترة والاخرى, بمعنى اننا بحاجة الى برنامج اقتصادي واضح المعالم والاهداف ضمن اطار زمني معين تلتزم به السلطتان التشريعية والتنفيذية معا بغض النظر عن الاشخاص.
الملك طلب بوضوح من حكومة الرفاعي العمل مع النواب باسلوب مؤسسي على ترجمة الرؤية الملكية الخاصة لمستقبل الاردن مدعومة بعملية اصلاح اقتصادية واجتماعية حقيقية وصولا إلى تحقيق الهدف الاسمى وهو تحسين مستوى معيشة المواطن, وتوفير كل أسباب الحياة الكريمة لكل أسرة أردنية.
حكومة جديدة برئاسة الرفاعي في مواجهة مجلس نواب جديد, فهل ستكون التجربة السابقة في العلاقة بين السلطتين درسا وعبرة لكل منهما, الكل يترقب اداءهما في كيفية ترجمة التوجيهات الملكية السامية الى برامج وخطط تنموية تنعكس ايجابا على معيشة المواطنين.
salamah.darawi@gmail.com
(العرب اليوم)