لم نسمع صوت "الوطني لحقوق الإنسان"
حسين الرواشدة
05-02-2023 01:58 AM
لماذا لم نسمع صوت المركز الوطني لحقوق الإنسان منذ شهور طويلة؟
لا يوجد لدي إجابة واضحة، بالطبع، ما اعرفه أن المركز تعرض قبل ثمانية أشهر لازمة خانقة، انتهت بكف يد المفوض العام، واستقالة رئيس مجلس الأمناء، لا أدري إذا كانت ارتدادات الأزمة ما زالت تتفاعل فيما يتعلق بالموظفين، لكن الأهم ارتداداتها على صعيد أداء المركز، ومحاولة "فرملة" دوره، هنا - في تقديري - مربط الفرس، فما جرى للمركز لا يمكن فهمه إلا في هذا السياق.
اعتاد المركز بداية كل عام إصدار تقريره السنوي، هذا التقرير لم يصدر حتى الآن، ومع كل حدث أو أزمة تتعلق بحقوق الإنسان، كان للمركز رأي، وأحيانا دور، لكن منذ اكثر من سنة اختفى هذا الرأي تقريبا، ومرت بالبلد أحداث وأزمات كبرى، أخرها إضرابات النقل، دون أن يتحرك المركز لكي يطمئننا على حالة حقوق الإنسان، ومدى صوابية الإجراءات التي اتخذت في التعامل مع الأزمة آنذاك.
تصوّر أن آخر خبر نُشر على موقع المركز الرسمي يعود تاريخه لـ 25/10/2021، أي قبل نحو عام وثلاثة أشهر، كما أن آخر ورشة عمل نظمها تعود تقريبا للتاريخ ذاته، هل يعكس ذلك حقيقة نشاط المركز أم أنه يمارس دور "الزاهد" بالنشر والإعلان؟ حقا لا أدري، لكن بحكم متابعتي لكثير من المؤسسات لم اقرأ في الأخبار عن أي نشاط قام به في الفترة الماضية، ما يعني، للأسف، أننا أمام حالة "موت سريري"، أو إن أحسنا الظن، إعادة ترتيب للبيت الداخلي، بعد هزات كبيرة تعرض لها.
اكتب هنا عن المركز بدافع العتب والحزن والرجاء، العتب والحزن لأننا افتقدناه، وأخجلنا وصدمنا ما حدث له، وداخله من ارتجاجات، ثم لأن غيابه او تغييبه، يبعث لنا برسائل غير مطمئنة، سواء على صعيد ما يطلق من نوايا للتحديث والإصلاح، أو ما يحدث على صعيد ملف حقوق الإنسان الأردني تحديدا، والأخطر ما تتعرض له سمعة بلدنا في الداخل والخارج، حيث يملأ فراغ غياب المركز مؤسسات خارجية، تفاجئنا بتقارير لا نجد من يرد عليها بثقة ومصداقية.
يبقى دافع الرجاء، وهنا سؤال: لمصلحة من يتم "تحييد" المركز الذي أنشأناه قبل اكثر من 20 عاما، ولماذا نتعامل صدفة أو بفعل فاعل مع مؤسساتنا الوطنية بمثل هذه "الخفّة" واللامبالاة؟ نتذكر هنا أن المركز حظي بسمعة طيبة، محليا ودوليا، وأصدر تقارير ترتقي إلى مستوى عال من المهنية والشفافية، كل ذلك صب في مصلحة الدولة الأردنية، وساهم بحماية مرتكزاتها السياسية والأمنية والاجتماعية، ومنح الأردنيين "كوة" أمل وسط محيط من السوداوية، حين وجدوا جهة مستقلة تستمع لشكاواهم، وتنتصر لحقوقهم، أمام أي تعسف من الإدارات العامة.
رجاء لكل من يهمه الامر، الملك قال اكثر من مرة (لا إصلاح بدون الحفاظ على حقوق الإنسان وصون الحريات)، المركز الوطني لحقوق الإنسان يمثل الجهة المستقلة المعنية بالحفاظ على ما أشار إليه الملك، إذاً، الرسالة واضحة لمن يحاول إجهاض هذه التجربة أو محاصرتها، والمطلوب فتح كافة اللواقط لاستقبالها وتنفيذها، أول ما يتوجب عليه أن يفعل ذلك هو مجلس أمناء المركز، ثم إدارات الدولة المعنية، ثم النخب السياسية والقانونية التي يفترض أن تشكل عامل ضاغط في ملف حقوق الإنسان، وفي استعادة دور المركز أيضا.
كل ما أتمناه أن تتعافى هذه المؤسسة، وان تتحرك، كما كانت في بداية تأسيسها، ناطقة باسم الضمير الوطني، لخدمة بلدنا، فنحن أحوج ما نكون إليها في هذا الوقت الذي نعوّل فيه على الإنسان الأردني أن يتعافى هو الآخر مما أصابه من اختناقات، ليباشر دوره الحقيقي في البناء الوطني، ومواجهة ما نتعرض له من عاديات.