ظل العقل الشعبي يرسم صورة مصحوبة بهالة للمسؤول, الشعبي والرسمي, وبعد فترة من التواصل, إتضح انهم اي المسؤولين او الزعامات العائلية والمخاتير, مجرد شخوص, فانتقم العقل الشعبي من خياله ووهمه, وانتج اكثر من حكمة شعبية على شكل مثل, لعل ابرزها يا «شايف الزول يا خايب الرجا", وامثلة على غرار «حسبّت الباشا باشا طلع الباشا زلمه", وما تيسر من امثال شعبية وقصص وحكايات فيها من الخرافة الكثير وفيها من الحقيقة القليل, لكن ظلت امهاتنا وجداتنا يقصفننا بالمثلين السابقين, حين نتهندم او نتأنق بافراط, ونحن على مقاعد الدراسة او في صفوف العاطلين عن الانتاج, ويزداد القصف, اذا ما فشلنا في تلبية رغبة او حاجة.
منذ زيارة وزير خارجية الكيان الصهيوني, الى الشقيقة السودان والمثل يطن في رأسي, تحديدا وان مفردة الزول مرتبطة عندنا نحن اهل بلاد الشام بالاشقاء السودانيين, الذين يقطرون نبلا وطيبة, فإذا منح النيل وطميه الاشقاء المصريين عذوبة وخفة ظل عزّ نظيرها, فقد منح النيل للسودان سمارا جميلا وخشونة مقرونة بطيبة قلب وكرم ونخوة, ومن لم يعاشر السودانيين فاته الكثير من الكرم وطيبة النفس وحلاوة المعشر, لكن ظروف حياتهم وتداعيات السياسة على الشقيقة السودان فرضت ايقاعا لم نألفه ولم نعهده عن الاشقاء هناك, فهم في قلب فلسطين وفلسطين في قلوبهم, واذا كان ثأر العرب عامة مع الاحتلال حاضرا, فإن للسودانيين كما الفلسطينيين ثأرهم الخاص, فالكيان العنصري هو الذراع التي قسمت السودان وغذت فرقته.
خطوة السودان نحو التطبيع مع حكومة الاحتلال الفاشية, لا تعبر عن وجدان السودانييين ولا عن مصالحهم ايضا, وتجارب التطبيع مع الكيان الصهيوني لم تجنِ الا مزيدا من البؤس الاجتماعي وحتى الاقتصادي, فلا انهار السمن والعسل تدفقت ولا حقوقا مشروعة عادت, وكل خطوة تقترب من التطبيع مع الكيان الفاشي, لا تخدم الا هذا الكيان وخطواته المتقدمة نحو افريقيا من اجل توفير عمالة رخيصة تحل محل العمالة الفلسطينية المنوي تهجيرها وتشريدها, ولعل هذه الازمة هي اكثر الازمات ضغطا على العصب الصهيوني, ومن يقرا تقارير مراكز الدراسات المتصهينة او الصهيونية يجد هذا الحضور لهذه الازمة ويجدها اكثر في التحاليل الاقتصادية ووجهة نظر الاقتصاديين والمستثمرين الذين غادروا من الكيان الفاشي وهم كثر بالمناسبة.
ما تسعى اليه حكومة الاحتلال الفاشية هو المال للاستثمار والعمالة الرخيصة, من اجل اكمال مسلسل التهجير والتجويع والحصار على الفلسطيني, وسبق ان فشلت كل محاولات استقطاب اليهود الافارقة الى الكيان العنصري, ومن يقرأ ويتابع واقع يهود الفلاشا سيعرف كم الفشل الذي حصدته العقول المهاجرة فهذا الكيان عنصري الى ابعد حد, ونربأ بان يكون الشقيق السوداني جزءا من هذه المعادلة, فنحن وان قلنا في بلاد الشام يا شايف الزول الى اخر المثل, لكننا نثق ان كل الرجاء في الزول السوداني كي يفسد هذا المخطط, فالحركة الكونية تتجه الى وجهة جديدة, لن تبقى فيه عناصر القوة والغلبة الحالية على حالها.
omarkallab@yahoo.com
الرأي