الملك في واشنطن ودبلوماسية من العيار الثقيل
خالد قشوع
04-02-2023 06:59 PM
إن المتتبّع لزيارة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين الى الولايات المتحدة والتي استمرت لمدة ثلاثة أيام لا يمكن له أن ينكر مدى جودة السياسة الاردنية التي يقدمها الملك، والتي يستطيع من خلالها التأثير على دوائر صنع القرار في الولايات المتحدة باختلاف مشاربها ورؤاها السياسية.
لطالما كانت هذه الزيارات حائط الصد الأردني تجاه أي تهديد خارجي وحجر توازن للمنطقة برمتها.
* لقاءات الملك في واشنطن
لقد تخللت زيارة جلالة الملك مجموعة من اللقاءات المارثونية خلال ثلاثة أيام حيث التقى جلالة الملك الرئيس الأمريكي بايدن، ونائبته هاريس، ووزير الخارجية الأمريكي بلنكن، وقيادات مجلس الشيوخ من الديمقراطيين والجمهوريين شاك شومر وميتش ماكونل، ورئيس مجلس النواب الأمريكي كيفين ماكارثي، ومديرة الوكالة الأمريكية للتنمية سامانثا باور، ولجان الخدمات العسكرية والمخصصات والعلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، ولجنة الخدمات العسكرية في مجلس النواب الأمريكي.
واتسمت جميع تلك اللقاءات بالتفاعل الايجابي من الجانب الأمريكي حيث أنتجت نقاشا مثمرا أوصل وجهة النظر الأردنية حول قضايا المنطقة.
لماذا كل تلك اللقاءات؟
قد يتساءل البعض لماذا كل تلك اللقاءات التي يقودها جلالة الملك بنفسه؟ لماذا لا يكتفي الملك بلقاء الرئيس بايدن؟، وهنا يجب أن نعلم جيدا أن القرار الأمريكي لا يصنع في البيت الأبيض حصرا إنما يوجد هنالك مؤسسات حكم في الولايات المتحدة لا تقل أهمية عن البيت الأبيض مثل الكونغرس، ووزارة الدفاع، والخارجية، والبنتاغون، والرأي العام الأمريكي الذي يتم قيادته بواسطة كل تلك المؤسسات مجتمعة.
وبما أن الأردن لا يمتلك قوى ضاغطة "لوبيات ضغط" داخل الولايات المتحدة تجبر تلك المؤسسات على اتخاذ قرارات تتماهى والمصالح الأردنية، فإن الملك يجد نفسه مضطرا الى ممارسة هذا الدور من خلال سياسية القوة الناعمة مع قيادات الولايات المتحدة ومؤسساتها السياسية والعسكرية.
إن الدور الذي يمارسه جلالة الملك ووزير الخارجية أيمن الصفدي لحماية المصالح الأردنية في واشنطن والحفاظ على هدوء المنطقة، يوازي الضغط الذي تقوم به لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية "ايباك" والتي تنفق عشرات المليارات للتأثير على القرار الأمريكي من خلال الاعلام والدعم المالي في الحملات الانتخابية.
توقيت الزيارة
في رأينا أن توقيت الزيارة لا يقل أهمية عن جودتها حيث تعيش اسرائيل أكثر أوضاعها السياسية تأزما منذ نشأتها، وقد نجحت مناورة الخارجية الأردنية التي دفعت بالسفير الأردني الى زيارة الأقصى في الكشف عن بشاعة صورة الحكومة الإسرائيلية ومدى تطرفها.
وساهمت الجرائم التي ارتكبتها تلك الحكومة لاحقا في جنين في تأكيد بشاعة التطرف الأسرائيلي، مما ساهم في توفير أرضية صلبة للدبلوماسية الأردنية التي استغلت بنجاح ضعف حكومة نتنياهو المنبوذة.
خطاب الملك من واشنطن للقدس
في خطابه الذي ألقاه في حفل فطور الدعاء الوطني في واشنطن أكد جلالته على عدة محاور أهمها، عدالة القضية الفلسطينية وضرورة حصول الفلسطينيين على حقوقهم وفق اطار حل الدولتين، وأهمية الوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس الشريف و عمقها التاريخي، كونها صمام الأمان الذي يحمي تلك المقدسات ويصونها.