بين الإقراض المحلي والخارجي
د. فهد الفانك
23-11-2010 02:40 AM
التعاقد مع مجموعة البنوك الأجنبية على إصدار سندات بمبلغ 750 مليون دولار لحساب وزارة المالية، فتح الباب لمناقشة عامة حـول مزايا هـذه الخطوة، لدرجة أن البعض رأى فيها درساً للبنوك المحلية التي كانت تطلب سعر فائدة يصل إلى 5%. فهل وفرت الخزينة جانباً من الكلفـة عن طريق التوجـه إلى الخارج بدلاً من البنوك المحلية أم أن العكس هو الذي حدث.
تقول المعلومات المعلنة أن سـعر الفائـدة على القرض الخارجـي تبلغ 875ر3%، ولكن أحداً لم يقل أن السندات صدرت بخصم، فالحكومة ستقبض 881ر98% فقط من قيمة السندات، مما يرفع العائد الحقيقي إلى 125ر4% وليس 875ر3%.
في حالـة الاقتراض من البنوك المحليـة بسعر فائـدة 5% فإن المبلغ سـوف يسحب من فائض السـيولة لدى البنك المركزي التي تكلف البنك المركزي وبالتالي وزارة المالية 2%، أي أن الاقتراض من البنـوك الأردنية بالدينار يجعل الكلفة الصافية على الحكومة 3% فقـط.
حتى هـذه النسبة تخضع لضريبة الدخل، فتستوفي منها الحكومة 25%، فتصبح الكلفة الصافية 25ر2%، وإذا أخذنا بالاعتبار العمولات والمصاريف التي تقاضتها البنوك على الإدارة والتسويق ولم يأت ِ أحد على ذكرها، فإن الاقتراض بالدولار يكلف الحكومة حوالي ضعف كلفـة الاقتراض بالدينار.
من ناحية أخرى فإن القرض الأجنبي يستحق دفعة واحدة بعد خمس سنوات فلا تستطيع الخزينة تسديده، إلا بقرض آخر، أي أنه يفتح الباب لسلسلة لا تنتهي من عمليات الاقتراض الخارجي في أوقات قد تكون أسعار الفائدة فيها عالية جداً، أي أن الحكومة تلتزم بالعـودة إلى السوق في ظروف قد لا تكون ملائمة، وبأسعار لا يمكن التخمين بها سلفاً، وبهذا المعنى فإن القرض يرتب على الأردن أعباء ومخاطر طويلة الأجل ومفتوحة لكل الاحتمالات.
الفوائد التي سـتدفع للخارج وتقدر بحوالي 30 مليون دولار سنوياً، سـتكون معفاة من ضريبة الدخل، وتشـكل عبئاً على ميزان المدفوعات، وتؤثر سلباً على النمو الاقتصادي، أما الفوائد المدفوعة محلياً فتخضع للضريبة، وتشكل إضافة للناتج المحلي الإجمالي.
الضجة الإعلامية التي رافقت هذا (الإنجاز المالي) لم تكـن في محلها.
(الرأي)