الملك ونظرية العدو البديل
د. حازم قشوع
01-02-2023 02:37 PM
اخفق بيت القرار في تل ابيب بتمرير نظرية العدو البديل في المنطقة عندما حاول ترسيخ انطباع على مجتمعات المنطقة بان اسرائيل ليست العدو الوحيد بل ان هنالك عدو اخطر يهدد مجتمعات المنطقة هي ايران، وعلى الرغم من احتضان معادلة العدو البديل من قبل بعض الانظمة العربية في زمن (ترامب كوشنير وكرين بلانت) إلا أن هذه الفرضية تم بترها بزمن الحزب الديموقراطي الذي تقوم سياسته على احتواء النظام الايراني ولا يريد الاصطدام معه لغايات جيواستراتيجية.
وهي ذات الصورة التي يمكن مشاهدتها بعد العملية العسكرية المحدودة التي تم تنفيذها مؤخرا في اصفهان والتي جاءت لقطع الشك باليقين بين الذي تريده اسرائيل لاعلان حرب وما تؤكد عليه الادارة الامريكية بضرورة الاحتواء على الرغم انها جاءت متوزانة مع المناورات الامريكية الاسرائيلية المشتركة التي جرى تنفيذها باستخدام اسلحة استراتيجية نوعية.
وهو ما اعتبرته موسكو تجاوز للخطوط الحمراء غير المقبولة الامر الذي اكد ان ما يقف عليه مدير المخابرات الامريكية وليم بيرنز هو من رأى اصح وان مسألة إشعال الحرب في المنطقة بين تيار عربي اسرائيلي من جهة ومناطق النفوذ الايراني من جهة اخرى لاحقاف فرضية (العدو البديل) هي مسألة ليست مناسبة للمشهد القائم وأن سياسية الاحتواء هي الاسلم.
وهو الامر الذي جعل من بيت القرار بتل ابيب العودة لـ (جعبة الحاوى) لاخراج مسار اخر للتطبيع غير مسار (اسرائيل من تحمي المنطقة) وهو جعل من بيت القرار في تل ابيب تبحث عن بديل لترسيم برنامج التطبيع ربما يكون بغير ادوات الحكومة الحالية بقيادة نتنياهو وهو الذي كان يريد قيادة المنطقو وتطبيع العلاقات بالمجان ومن دون اعطاء للشعب الفلسطيني مقابل، وان كان ما يتطلع اليه الشعب الفلسطيني بنظرة استراتيجية غير مكلف لا على الصعيد الامني ولا حتى على الجانب السياسي لكنها هو الهنجية وقصر النظر والتقدير غير السليم للموقف العام للدول العربية التي باتت تمتلك خيارات اخرى كما تمتلك اسلحة استراتيجية تكتيكية تجعلها قادرة للدفاع عن حاضنتها اذا لازم الامر.
مع ان اعطاء الحق للفلسطينين كان سيفتح لإسرائيل ابواب واسعة في المنطقة ويجعلها في مأمن معيشي وستدخل المنطقة بمسارات تنموية ومشاريع اقليمية لكن هي النظرية العصرية الفوقية الضيقة التي يحملها بيت القرار في تل ابيب الذي يريد بسط سيادته على كامل جغرافيا فلسطين التاريخية مع امكانية اعطاء حقوق مدنية للشعب الفلسطيني في الخطوة الاولى كما يريد تنفيذ اسقاطاته التوراتية في المجال السابع منها من خلال بسط نفوذه على بيت الرب الذي تشكل ما بين النهرين منزلته بين الفرات والنيل وهو ما تقف عليه التيارات المشكلة للحكومة الاسرائيلية الحالية.
وهو ما بينه مدير المخابرات الامريكية في عهد ترامب، مايك بومبيو في كتابه الذي حمل عنوان "لا تنازل ابدا للدفاع عن امريكا التي احبها"، وهو الكتاب الذي اظهر نوعية التفكير للتشكيل القادم الذي يقوم على نظرية بناء جغرافيا سياسية جديدة للمنطقة والتي يبدوا انها مدار البحث في اروقة الحزب الجمهوري وهو الحزب الذي يستعد للعودة لبيت القرار معتمدا على اربعة مرشحين حسب الترتيب (روان دي سانتس وكيلي هيلي ومايك مومبيو بالاضافة لدونالد ترامب).
وفي حال وصول الحزب الجمهوري لبيت القرار فانه ينتظر ان يقوم بتنفيذ مشروع إعادة تكوين/ تشكيل جغرافيا سياسية جديدة بالمنطقة وهو ما انه سيشكل عنوان المشهد القادم في حال وصول الحزب الجمهوري لسدة القرار لكن ذلك سيشكل عنوان خطر على الحدود الامنة لمستقرات المنطقة، فهل تمتلك انظمة المنطقة عناوين مواجهة بعد تم تأطيرها بالمظلة الامنية الامريكية ام انها ستكون قادرة على تغير ما يراد ترسيمه قبل وصول الحزب الجمهوري الى البيت الابيض وهو سؤال سيبقى برسم التحرك الملكي الهاشمي في البيت الابيض.
الامر الذي يجعل زيارة جلالة الملك لواشنطن غاية بالاهمية ولقاءه مع الرئيس جو بايدن لقاء استثنائي في لحظة سياسية تكاد ان تكون مفصلية كونها ستقوم بتحديد بوصلة التوجه وعناوينها وحركة اصطفافات الانظمة العربية في الانتخابات الامريكية القادمة وهو ما سيدعي من بيت القرار في المشرق العربي ضرورة إعادة تشكيل حاضنة داعمة للموقف العربي وعاملة لاسناد الموقف القويم الذي يقف عليه الملك عبدالله الثاني في بيت القرار في واشنطن.