العاصمة الروحية .. والحسين العظيم
أمل محي الدين الكردي
01-02-2023 01:07 AM
حظيت القدس بمكانة رفيعة عند المغفور له الحسين بن طلال ،إذ تعهدها بالرعاية والاهتمام منذ توليه سلطاته الدستورية وهذا شاهد على علاقته الروحية بمدينة القدس ،فهي قرة عينيه وهي كالوشم في زنده وكالخضاب الذي يلون يده ،واهلها يبادلونه هذا الحب وأنهم باقون على العهد له ولأسرته الهاشمية من بعده .
كان المغفور له حاضراً بكل مناسباتها ومن هذه المناسبات التي أطلق بها العنان والبوح لكلماته في القدس، قبل 58عاماً ونصف غادر الحسين الى بيت المقدس للحضور أفتتاح مؤتمر الأطباء العرب في بيت المقدس وكان بدء الخطاب وقال : بعد الترحيب بهم يسعدني أن يلتئم شملكم المبارك، وينعقد مؤتمركم العتيد هذا في العاصمة الروحية ،للمملكة الأردنية الهاشمية ،بجيرة المسجد الأقصى الذي بارك حوله، ومهد السيد المسيح عليه الصلاة والسلام ،وأضاف أن اجتماعكم اليوم أيها الأخوة هو الجسر الذي يعبر عليه ماضي أمتكم الحضاري ليتصل بواقعها المتفتح اللأمع ،مثلما أنه النافذة التي تطل منها أمتكم على العالم ،بأروع ما يحمله وجهها الأصيل من ملامح وقسمات .
ففي أمس العالم وماضيه غير البعيد ،كانت اليد العربية ،ترتفع في رقعة من الأرض ،تمتد من غرب الاندلس حتى أواسط اسيا تمسك بالشعلة ،التي أضاءت مسالك العلم ودروب المعرفة أمام أوروبا والعالم اجمع ،وفي ذلك الامس ،انتشرت في أفاق الدنيا أسماء ذهب أصحابها في الخالدين (وذكر المغفور له الكثير من الاسماء)مثل ابن سينا والرازي وابن رشد ...الخ .ومكن هؤلاء للانسان أن يتنفس بما حملته الحضارات القديمة من ثمرات ،مثلما مكنوا لتلك الحضارات أن تتفاعل وتتعمق بما أعطوه لها من عقولهم ومنحوها اياه من كشف وفتح جديدين ،ولم تضع اوروبا اقدامها على طريق النهضة والحضارة ،الا يوم أخذت تنقل الى اللاتينية في كلياتها في القرن السادس عشر ،كنوز التراث العربي المسطور بلغة القرآن .
هذا المؤتمر الذي كان ببيت المقدس العاصمة الروحية للاردن وكان فخوراً بتواجدهم على هذه البقعة المقدسة التي تدعم فكرهم العلمي وكان يركز على اجتماعهم واتحادهم الذي هو خطوة بدرب الوحدة الكبرى ومحراب لتقديس الحرية والكفاح من أجل الانسان الذي هو تامين للأمة .وكان يركز المغفور له على الوعي القومي المشحون بالإخلاص والتضحية .ومن قرءاتنا لخطاب المغفور له بافتتاحه لهذا المؤتمر حمل بمضامينه الكثير من الرسائل وكانت الأولى العلاقة المرتبطة بين المملكة الاردنية الهاشمية والقدس واهتمامه بالأماكن الإسلامية والمسيحية . وتركيزه على أن الاجتماع المتصل من هذه البقعة تعني للامة العربية التي ينظر الجميع على وجهها الأصيل .واصرار العقل العربي على التقدم واستئناف الدور العلمي لها .ومن نهايات الخطاب كانت رسالة المغفور له والرسالة التركيز على الوحدة والحرية والحياة الأفضل وخاصة كانت كلماته محملة من الألم على المحنة والكارثة التي أصابت فلسطين ولكن هناك رسالة أخرى قال فيها : أمتنا قد عرفت فيما مضى صناعة التاريخ في سائر فصوله وابوابه وعرفت ايضاً كيف تخرج من المحنة وهي اكثر ما تكون تصميماً على إزالة أسبابها ونتائجها .وركز المغفور له في حينه انه الان اكثر من اي عهد مضى .
هذا ما كان من خطاب المغفور له جلالة الملك حسين بن طلال في افتتاحه مؤتمر الاطباء العرب قبل 58عاماً ونصف وما زالت القدس العاصمة الروحية في وجدان الهاشميين والاردنيين الى يومنا هذا التي يواصل جلالته الملك عبد الله الثاني المعظم رسالة اجداده الهاشميين بالدفاع عن القدس والمقدسات في فلسطين.
ومؤمنين مطمئنين للقيادة الهاشمية صاحبة الوصاية التاريخية والسند الحقيقي لها أطال الله بعمر جلالته وحفظه يا رب العالمين .