عن تسعيرة المحروقات .. إنهم مسالمون مثل "رأس ابو العبد"
د. أحمد الحياري
31-01-2023 04:19 PM
أقف حائرا بين التعاطف مع السياسات الاقتصادية الحالية للحكومة او رفضها. هذه السياسات التي اوصلت البلاد والعباد الى ما وصلوا اليه من مأزق، ذو شُعب.
لكن الحكومة مضطرة اليوم استنادا إلى استراتيجيتها للاستجابة لطلبات صندوق النقد الدولي الإقتصادية، وهي في المقابل، مضطرة بالمستوى نفسه إلى النظر بعين الرعاية إلى المتطلبات المعيشية للناس. الناس المتعبة. والحكومة ترى ذلك وتسمعه.
هنا تشعر الحكومة أنها قد تكون في ورطة شهرية. اعني فيما يتعلق بتسعيرة المحروقات. هل ترفع الأسعار وفق المعادلة التي اعتمدتها منذ سنوات ام أن معادلاتها السياسية ستدفعها الى ادخال بنود اخرى على معادلة التسعيرة لتخفض من وطأة الناتج النهائي؟!
ما قامت به الحكومة هو ممارسة منزلة بين المنزلتين: التعامل مع معادلتها الخاصة لأسعار المحروقات، كما أنها لم تعم عينها عن حال الناس.
انا هنا لا اتحدث فيما اذا كانت معادلة التسعيرة محقة وعادلة. بل عن اللحظة الراهنة لما بعد تلك المعادلة.
الحكومة رفعت أسعار البنزين، ثم نظرت في عين شركائها "المواطنين"، "هل غضبتم من قراري؟"، قبل أن تعود الى الاسترخاء من جديد. إنهم مسالمون مثل "راس ابو العبد"، يذوبون مع القرارات الحكومية من دون مضغ.
أما ما يخشاه الحذر الحكومي أن يؤتى الرئيس بشر الخصاونة من مأمنه. هنا الاسترخاء مقامرة بلهاء. هذا ما ظنه رؤساء حكومات سابقة.
على أية حال. الحكومة تعلم أن شركائها - المواطنين - لم يعودوا قادرين على الاحتمال، جيبوهم فارغة، وحلّة طعامهم يكسوها الغبار. ونارهم توشك على الانطفاء.
لكن ماذا تفعل الحكومة بالشريك المضارب الآخر، "صندوق النقد الدولي". هو الاخر لا تريد إغضابه، وهذا "فِتِح"، يعرف من أين تؤكل الكتف، ولا يرضى من الحكومة بالعسل من الكلام. يريد فعلا على الأرض. والأرض جرداء.
حسنا. ما ستقوم به الحكومة، هو تماما ما يقوم به في العادة "زوج الثنتين"، يرضى كل منهما بشيء ما، ثم يسترخي. برغم ان صندوق النقد عيونه "زرق" وبشرته بيضاء، ويكسر دلعه بالانجليزي.