سنة على رحيل الحبيب محمد الحموري
باسم سكجها
30-01-2023 07:25 PM
تمرّ الأيام بسرعة، واليوم سيكون مرّ على رحيل أستاذنا وصديقنا العزيز محمد الحموري سنة كاملة، وحين هاتفني نجله الدكتور طارق، ليذكّرني بالمناسبة، رددت فوراًً: يا الله كم كان جميلاً، وكيف يمضي العُمر بهذه السرعة…
فكأنّ الرحيل كان بالأمس، وكأنّ حفل التأبين كان قُبيل ساعات، ذلك الذي امتلأ المركز الملكي على آخره لاستحضار بعض ممّا كان عليه أبو طارق، والأمر بالضرورة لم يقتصر على رفاقه الأردنيين بل من العرب من كلّ حدب وصوب، وبينهم بالطبع رفيق الدرب حمدين، وكانت امسية لا تُنسى…
أبو طارق لم يكن مدّعياً عروبته الخالصة، وإيمانه بتاريخها، وقيادتها، وقيامتها، ولعلّه جُبل في تراب بيت راس ليبني بيتاً في دمشق أو القُدس أو بغداد أو القاهرة أو مراكش أو غيرها من حواضر العرب، أو لعلّ روحه تشكّلت من ذلك التاريخ العربي البهيّ، فكان كما كان: محمد الحموري…
على مدى سنة كاملة كنّا نجتمع أسبوعياً، ضمن اللجنة الملكية لتعزيز منظومة النزاهة الوطنية، ولا أتذكّر أنّني اختلفت معه في موقف، وبالعكس فقد كان التوحّد كاملاً مع آرائه.
تلك الأيام الطويلة شكّلت بيننا صداقة متينة، ولو من خلال الاتصالات الهاتفية، فضعف عينيه كان يمنعه من التنقّل، والغريب أنّه لم يتوقّف معه عن القراءة والكتابة، وبالضرورة فإنّ إبداء رأيه في ما يجري على الساحة السياسية تواصل على الرغم من وهن الصحة.
في آخر ظهور علني له، وجّه نقداً قاسياً لمخرجات اللجنة الملكية لتطوير الحياة السياسية، وكنتُ عضواً فيها، والخلاف في الرأي لا يفسد في الودّ قضية، خصوصاً إذا كان العنوان المصلحة العامة.
حين تسلّم نجله طارق حقيبة وزارية في حكومة عمر الرزاز، باركت للأب، فضحك وقال لي: هل تعرف أنّه سيخسر مالياً أضعاف راتبه؟ ولمّا رددت عليه بأنّه “طالع لأبيه”، ارتفع صوت ضحكته أكثر، وأضاف: الحمد لله.
المعروف أنّ محمد الحموري كان عميداً لكلية الحقوق، وأبنه صار عميداً للكلية نفسها بعد سنوات وسنوات، والمعروف أنّ أبا طارق تسلّم حقيبة وزارية مرّة!
جمعني باستاذنا وزميلنا الذي رحل قبل سنة، الفكر والتوجّه الناصري، والطريف أنّه عرف عن ناصريتي من رفاق لنا في مصر، هؤلاء الذين كانوا يطلبون مني في كل اتصال هاتفي السلام عليه، فرحمك الله يا عزيزنا، وأحسن عزاء أهله وتلاميذه ورفاقه، وللحديث بقية.