مدونة تنظيم العلاقة بين الحكومة والنواب
باتر محمد وردم
22-11-2010 03:06 AM
سينشغل الرأي العام الأردني مع النخبة السياسية في تفاصيل التغييرات القادمة في الأسبوع الحالي في الحكومة ومجلس الأعيان ورئاسة مجلس النواب ، وهذا ما سوف يضيف اسبوعا آخر من تجميد العمل في القطاع العام بعد أسبوع إجازة عيد الأضحى. ومع أن وسائل الإعلام والصالونات السياسية ستكون مستنفرة في متابعة التفاصيل وخاصة بورصة الأسماء المطروحة فإن المواضيع الأساسية المتعلقة بالسياسات وتغيرها لن تكون موضع نقاش.
وفي هذا السياق أجد أنه من الضرورة التذكير بواحد من أهم تفاصيل العلاقة بين الحكومة ومجلس النواب في المرحلة القادمة ، وهي التي اشار إليها كتاب التكليف السامي لحكومة السيد سمير الرفاعي قبل حوالي سنة ، وهي تطوير مدونة لتنظيم العلاقة بين الحكومة ومجلس النواب والتي يفترض أن تضع قواعد أخلاقية وإدارية وسياسية صارمة لتوضيح الدور الدستوري لكل طرف ومنع تداخل المصالح بينهما.
دعونا نستذكر التوجيهات الملكية السامية في كتاب التكليف حيث يقول جلالته "وعلى الحكومة أن تعيد تقييم آليات تعاملها مع مجلس النواب بما يضمن إعادة تصحيح هذه العلاقة لتقوم على التعاون والتكامل في خدمة المصلحة العامة ، وبحيث تمارس السلطتان صلاحيتهما الدستورية من دون تغول سلطة على أخرى ، أو اللجوء إلى تفاهمات مصلحية تجعل من تحقيق المكتسبات الشخصية شرطا لاستقرار علاقة السلطتين. ولضمان عدم تكرار أخطاء الماضي ، فإننا نطلب منكم إعداد ميثاق شرف ملزم يوضح الأسس التي تحكم كل تعاملات الحكومة مع أعضاء مجلس النواب وفق الدستور والقانون. ونأمل أن يبادر مجلس النواب الجديد أيضا إلى إصدار وثيقة مماثلة تطمئن الأردنيين إلى أن العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية محكومة بمعايير تحقق المصلحة العامة والتكامل الدستوري والقانوني والسياسي المطلوب لخدمة الوطن ، وليست مرتهنة للاعتبارات والمكتسبات الشخصية الضيقة".
كل كلمة في النص السابق مهمة وجوهرية ، بل أن القارئ لهذا النص يعرف تماما اسباب القرار الملكي بحل مجلس النواب السابق ، والتي تتضمن ايضا الحاجة إلى منع تلك المبررات في العلاقة القادمة بين الحكومة والمجلس خاصة بعد أن استثمرت الدولة والحكومة والمؤسسات السياسية نسبة كبيرة من المصداقية والوقت والجهد في دعم الانتخابات الماضية ودعوة الناخبين إلى المشاركة والتعهد بانتخابات نزيهة بعيدة عن التدخلات الرسمية وهذا ما حدث ، مما يعني أن المسؤولية مضاعفة الآن على الحكومة التي من مسؤولياتها إعلان ميثاق الشرف الذي يوضح كيفية تعامل الحكومة مع المجلس وبنفس الوقت فإن المجلس الجديد وبعد أن ينتهي من اختيار الرئيس ونوابه وأعضاء اللجان الدائمة أن يعمل على تطوير ميثاق شرف يحدد قيم المصالح العامة التي تحكم علاقة النواب بالحكومة.
يريد الأردنيون الكثير من مجلس النواب ، وأحيانا وبسبب إساءة تفسير بعض النواب لدور النائب في الدورات السابقة اصبح لدى المواطن قناعة بأن دور النائب هو التوسط لدى الحكومة من أجل التعيين أو الخدمات أو المزيد من المصالح الشخصية ولكن هذا التصور يجب أن ينتهي ليعود دور النائب سياسيا وتشريعيا بناء على نصوص الدستور خاصة أن مشروع اللامركزية سوف ينشئ مجالس محلية مسؤولة عن الخدمات المحلية ، وليس النواب. ان هذه المدونة هي في مصلحة الحكومة ومصلحة النواب الجادين الذين يريدون أن يقوموا بالفعل بالدور السياسي والدستوري ، ولكن قد تكون هنالك عقبات من قبل نواب استمرأوا العمل الخدمي الذي يغطي على الضعف السياسي ولكن هذه الحالة يجب أن تنتهي تماما.
batirw@yahoo.com
(الدستور)