أعلن وزير المالية نجاح عملية إصدار سندات دولية أردنية بحجم 750 مليون دولار ، حيث تم اكتتاب البنوك والمستثمرين بأربعة أضعاف المبلغ ، مما شجع الحكومة على زيادة حجم الإصدار من 500 مليون إلى 750 مليون دولار ، على قاعدة كان دين حط رطلين!!.
لا مجال لإنكار الجانب الإيجابي في هذه العملية ، من حيث أنها تعني أن الأردن استعاد الثقة الائتمانية في السوق العالمي ، التي كان قد فقدها عام 1988/1989 عندما توقف عن خدمة الديون الخارجية واستعان بصندوق النقد الدولي للحماية من الدائنين.
في هذا المجال تناول الوزير إيجابيات الاتفاقية من حيث انخفاض سعر الفائدة ، وتحقيق قدر من التوازن بين المديونية الداخلية والخارجية ، وتوفير السيولة المصرفية للقطاع الخاص بحيث لا تزاحمه الحكومة. وهي نقاط هامة سنقف عند كل واحدة منها.
سعر الفائدة على الدولار بين البنوك في لندن (ليبور) يتراوح حول 76ر0% ، وعندما ُيطلب من الأردن أن يدفع 875ر3% فمعنى ذلك أن هامش المخاطرة السيادي يبلغ 12ر3% ، وهو هامش كبير جداً لبلد يملك احتياطات عملة أجنبية تزيد عن 11 مليار دولار ، خاصة في هذا الوقت بالذات حيث يطفو العالم على بحر من الدولارات الرخيصة التي تبحث البنوك عن وسيلة لاستثمارها.
أما التوازن بين المديونية الداخلية والخارجية فلم يكن في يوم من الأيام هدفاً تسعى إليه أية دولة في العالم. وفي حالتنا نتمنى أن يكون كل دين الأردن بعملته الوطنية ، بحيث تدفع الخزينة الفوائد لجهات محلية بدلاً من تحويلها للخارج ، خاصة وأن الحكومات لا تعجز عن سداد التزاماتها بعملتها ، ولا تتعرض لضغوط الدائنين الأجانب.
وفي ظل وجود 5ر3 مليار دولار من السيولة الفائضة لدى بنوكنا المحلية ، فإن عدم مزاحمة القطاع الخاص على الائتمان غير واردة ، فهناك سيولة متوفرة لإشباع طلبات القطاعين العام والخاص ، علماً بأن ودائع البنوك تنمو بأسرع من نمو التسهيلات المصرفية.
هل حصل الأردن على صفقة رابحة أم بالعكس؟ هذا ما ستكشفه الأيام ، فهذه السندات سوف تتداول في السوق ، فإن ارتفع سعرها فوق القيمة الاسمية كما نتوقع ، دل ذلك على أن الدائنين هم الذين حصلوا على أكثر مما يستحقون ، والعكس بالعكس.
(الرأي)